أي ثق بالله تعالى إن نقضوا العهد ، (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ ؛) بمقالتكم (الْعَلِيمُ) (٦١) ؛ بما تفعلون.
قوله تعالى : (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ ؛) معناه : إن يرد الذين يطلبون منك الصّلح أن يخدعوك بإظهار الصّلح لتكفّ عنهم إلى أن يتقوّوا بغيرك ، فإنّ الله كافيك في حربهم وقتالهم ، (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) (٦٢) ؛ أي قوّاك يوم بدر بنصره وقوّاك بالمؤمنين ، وهم الأوس والخزرج.
وقوله تعالى : (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ؛) أي جمعهم على المودّة في الإيمان ، وقوله تعالى : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ؛) أي ما قدرت على جمع قلوبهم على الألفة ، (وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ ؛) في سلطانه لا يقدر أحد أن يغلبه ويمنعه عن مراده ، (حَكِيمٌ) (٦٣) ؛ يضع الأمور في موضعها.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ ؛) أي كافيك الله ، (وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٦٤) ؛ نزلت في البيداء في غزوة بدر. وقيل : لمّا أسلم عمر رضي الله عنه نزل (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(١).
وقال بعض المفسّرين : موضع (من) خفض عطفا على الكاف في قوله (حَسْبُكَ اللهُ) أي وحسب من اتّبعك. وقال بعضهم : موضعه رفع عطفا على اسم الله ؛ أي حسبك الله ومتبوعك من المؤمنين. قيل : إن هذه الآية قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) نزلت في البيداء في غزوة بدر قبل القتال.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ ؛) أي رغّبهم في القتال ، والتّحريض : الترغيب في الشيء بما يدعو إليه نحو وعد الثواب على القتال
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (٩١٣٥) عن سعيد بن جبير ؛ قال : ((لمّا أسلم مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم ثلاثة وثلاثون رجلا وستّ نسوة ، ثم أسلم عمر فنزلت الآية)) ، قال : وروي عن سعيد بن المسيب نحو ذلك. وفي مجمع الزوائد : ج ٧ ص ٢٨ ذكره الهيثمي عن ابن عباس وقال : ((رواه الطبراني وفيه إسحق بن بشر الكاهلي وهو كذاب)).