لأنّ الله تعالى قال في الشّهداء (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(١)). واللام في قوله (لما) بمعنى (إلى).
قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ؛) فيه ثلاثة أقوال ؛ أحدها : أن معناه : يحول بين المرء وأمله بالموت أو غيره من الآفات ، فبادروا إلى الطاعات قبل الحيلولة ، ودعوا التسويف فإنّ الأجل يحول دون الأمل. وقال مجاهد : (يحول بين المرء وقلبه لا يتركه يفهم ولا يعقل) (٢).
والثاني : أن معناه : أنّ الله تعالى أقرب إلى ذي القلب من قلبه ، فإنّ الذي يحول بين الشّيء وغيره أقرب إلى ذلك الشيء من غيره ، كما قال تعالى (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)(٣) ، وفي هذا تحذير شديد.
والثالث أن معناه : أن الله يقلّب القلوب من حال إلى حال كما جاء في الدّعاء : [يا مقلّب القلوب](٤). وقال ابن جبير : (يحول بين الكافر أن يؤمن ، وبين المؤمن أن يكفر). وقال ابن عبّاس والضحاك : (يحول بين المؤمن ومعصيته ، ويحول بين الكافر وطاعته) (٥). وقال السديّ : (يحول بين المرء وقلبه ، فلا يستطيع أن يؤمن ، ولا يستطيع أن يكفر إلّا بإذنه) (٦).
قرأ الحسن : (يحول بين المرّ) بتشديد الراء من غير همز ، وقرأ الزهريّ بضمّ الميم والهمزة وهي لغات صحيحة.
__________________
(١) آل عمران / ١٦٩.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٣٣٩).
(٣) ق / ١٦.
(٤) عن النواس بن سمعان ؛ أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ١٨٣. وابن حبان في الإحسان : الحديث (٩٤٣) بإسناد صحيح. وعن أنس أخرجه الترمذي في الجامع : كتاب القدر : باب ما جاء من أن القلوب بين إصبعي الرحمن : الحديث (٢١٤٠) ؛ وقال : حسن. وفي الباب عن عائشة وأم سلمة وسبرة بن الفاكه وأبي هريرة.
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٣٣٤) بأسانيد ، والأثر (١٢٣٣٥) عن سعيد عن ابن عباس.
(٦) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٣٤٠).