قرأ النخعيّ وابن كثير وأبو عمرو والكسائي (طيف) ، وقرأ الباقون (طايف) وهما لغتان وقيل : الطائف ما يطوف حول الشيء ، والطّيف : الوسوسة والخطرة ، وقيل : الطائف ما طاف به من الوسوسة ، والطّيف اللّمز والمسّ. وقرأ سعيد بن جبير (طيّف) بالتشديد ، وقال الكلبيّ : (طائف من الشّيطان : ذنب) ، وقال مجاهد : (الغضب) (١) ، وعن مجاهد : (هو الرّجل يهمّ بالذنب فيذكر الله فيدعه) ، وقال السديّ : (معناه : إذا أذنبوا تابوا) (٢).
قوله تعالى : (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ؛) أي وإخوان المشركين وهم الشياطين يدعونهم إلى المعاصي والجهل ، يقال لكلّ كافر أخ من الشّياطين يمدّه في الغيّ. قرأ نافع (يمدّونهم) بضمّ الياء وكسر الميم وهما لغتان. قوله تعالى : (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) (٢٠٢) ؛ أي لا يقصر إخوان المشركين من الوسوسة ؛ لأنّهم إذا علموا قبولهم لقولهم زادوا في إغوائهم ، وزاد الكفار في طاعتهم لهم ، فلا يقصرون كما يقصر المتّقون.
وقيل : معنى قوله تعالى : (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ) يعني إخوان الشّياطين وهم الضّلّال يمدّون المشركين في الغيّ. قرأ الجحدريّ (يمادّونهم) ، وقرأ عيسى (ثمّ لا يقصرون) بفتح الياء وضم الصاد (٣).
قوله تعالى : (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها ؛) معناه : وإذا لم تأتهم يا محمّد بالآية التي سألوكها تعنّتا قالوا : هلّا طلبتها من الله فتأتينا بها. وقيل : معناه : هلّا أتيت بها من تلقاء نفسك؟ قال الحسن : (كانوا إذا جاءتهم آية كذبوا بها ، وإذا أبطأت عليهم التمسوها).
وقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ؛) أي قل لهم : ليست الآيات إليّ ، ولكنّ الله يوحي بها عليّ ما يعلم من المصلحة ، وليس لي أن أسأله إنزالها إلّا إذا أذن لي في سؤالها. هذا القرآن بصائر من
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٠٧٩) بأسانيد.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٠٨٢) وقال : ((إذا زلّوا تابوا)).
(٣) ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ٣٥٢.