قوله تعالى : (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي قدّام المطر ، وقوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ ؛) أي سقنا السّحاب بأمر الله إلى أرض ليس فيها نبات ، قال ابن عبّاس : (يرسل الله الرّياح فتحمل السّحاب ، فتمرّ به كما يمرّ الرّجل النّاقة والشّاة حتّى تدرّ ثمّ تمطر ، فيخرج بالمطر من كلّ الثّمرات).
وقوله تعالى : (سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) أو لأحيا بلدا ميّتا لا نبات فيه. وقيل : لا تمطر السّماء حتى يرسل الله أربعة أرياح : فالصّبا تهيّجه ، والشّمال تجمعه ، والجنوب تدرّه ، والدّبور تصرفه.
قوله تعالى : (فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ ؛) أي بالسّحاب ، وقيل : بالبلد الميّت الذي لا ماء فيه ولا كلأ ، ينزل الله به المطر ، (فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ؛) أي فيخرج به ألوان ؛ (كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى ؛) أي مثل ذلك الإخراج الذي ذكرناه في إحياء الأرض الميّتة ، كذلك نخرج الموتى من قبورهم يوم القيامة ، (لَعَلَّكُمْ) بما ينالكم ، (تَذَكَّرُونَ) (٥٧) ؛ أي تستدلّون على توحيد الله وأنه يبعث من في القبور.
وقال ابن عبّاس وأبو هريرة (١) : (إذا مات النّاس كلّهم في النّفخة الأولى ، مطرت السّماء أربعين يوما قبل النّفخة الأخيرة مثل منيّ الرّجال ، فينبتون من قبورهم من ذلك المطر كما ينبتون في بطون أمّهاتهم ، وكما ينبت الزّرع من الماء ، حتّى إذا استكملت أجسادهم نفخ فيها الرّوح ، ثمّ يلقي عليهم نومة فينامون في قبورهم ، فإذا نفخ في الصّور النّفخة الثّانية ـ وهي نفخة البوق ـ جلسوا وخرجوا من قبورهم ، وهم يجدون طعم النّوم في رؤوسهم ، كما يجد النّائم إذا استيقظ من نومه ، فعند ذلك يقولون : يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا. فيناديهم : هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٤٧٤) عن أبي هريرة ، ولم يسنده أو أن السدي أرسله هكذا.