بيان أنّ التحريم غير مقصور على الكبائر. (وَالْبَغْيَ) يتناول الإقدام على الغير (بِغَيْرِ الْحَقِّ.)
وقوله تعالى : (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ؛) معناه : وحرّم عليكم أن تشركوا بالله ، (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً ؛) أي عذرا ولا حجّة. ثم بيّن الله تعالى ما يصير جامعا للمحرّمات كلّها ؛ وهو تحريم القول الذي لا علم لقائله به فقال : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٣٣).
وقيل : يعني بالفواحش : الطواف عراة ، ويعني بقوله : (ما ظَهَرَ مِنْها) طواف الرّجال عراة بالنّهار ، (وَما بَطَنَ) طواف النّساء بالليل عراة. وقيل : أراد بقوله : (ما ظَهَرَ مِنْها) التعرّي عن الثياب في الطّواف ، (وَما بَطَنَ) يعني الزّنا ، ويعني ب (الْإِثْمَ) كلّ المعاصي. وقوله تعالى : (وَالْبَغْيَ) طلب التّرأس على الناس بالقهر والاستطالة عليهم بغير حقّ.
وقال الحسن : (يعني ب (الإثم) الخمر) (١). قال بعضهم :
شربت الإثم حتّى ضلّ عقلي |
|
كذاك الإثم يذهب بالعقول |
قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٣٤) تخويف ووعيد من الله تعالى لهم ، معناه : ولكلّ أهل دين مهلة ؛ ولكلّ وقت مؤقّت ، فإذا انقضت مهلتهم فلا يستأخرون من بعد الأجل ساعة ولا يستقدمون في الأجل. وليس ذكر السّاعة في الآية على وجه التحديد ، فإنّهم لا يستأخرون ولا يستقدمون ساعة ولا أقلّ من ساعة ، ولكن ذكرت السّاعة لأنّها أقلّ أسماء الأوقات بين الناس.
فإن قيل : لم قال : (يَسْتَأْخِرُونَ) ولم يقل : يتأخّرون؟ قيل : معناه : لا يطلبون التّأخّر عن ذلك لأجل اليأس عنه. وقرأ ابن سيرين : (فإذا جاء آجالهم).
قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي ؛) معناه : يا بني آدم إمّا أن يأتيكم رسل من جنسكم يقرأون عليكم ويعرضون عليكم
__________________
(١) ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ٢٠٠.