قوله عزوجل : (قالُوا يا مُوسى
إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها) ؛ وذلك أنّ موسى لمّا أمرهم من قول الرّجلين أن يدخلوا
قرية الجبّارين ، قالت له بنو إسرائيل : أتكذّب العشرة وتصدّق الاثنين ، إنّا لا
ندخلها أبدا ما داموا فيها ، (فَاذْهَبْ أَنْتَ
وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) (٢٤) ؛ منتظرين ، فقولهم : اذهب أنت وربّك ، احتمل أنّهم قالوا ذلك على وجه
المجاز على معنى : وربّك معين لك ، وكان هذا القول فسقا منهم من امتناعهم عن
المضيّ إلى أمر الله.
وقيل : يحتمل
أنّهم عنوا بذلك الذهاب ذهاب النّقلة ، وهذا تشبيه وكفر من قائله ، وهو أقرب إلى
معنى كلامهم ؛ لأنّ كلام الله تعالى خرج مخرج الإنكار عليهم ، والتّعجّب من جهلهم.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه لمّا أراد الخروج إلى بعض الغزوات استشار سعد بن
معاذ وسعد بن عبادة ذلك ؛ فقالا : (إنّا لن نقول لك مثل ما قالت بنو إسرائيل لموسى
: إذهب أنت وربّك فإنّا ها هنا قاعدون ، ولكنّا نقول : إذهب فقاتل عدوّك إنّا معك
مقاتلون).
وفي بعض
الرّوايات قالوا : (أقعد أنت فإنّا بأمرك مقاتلون) . وقال المقداد ابن الأسود : «إنّا والله لا نقول لك كما
قالت بنو إسرائيل لموسى : (إذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون) ولكنّا نقول
: نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك ، ولو خضت بنا البحر لخضناه معك ، ولو
علوت جبلا لعلوناه معك. فأشرق وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم لذلك وسرّه» .
قوله عزوجل : (قالَ رَبِّ إِنِّي لا
أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ
الْفاسِقِينَ) (٢٥) ؛ قال ابن عبّاس : (وذلك أنّ موسى عليهالسلام غضب من
__________________