إنّ المقصود من مسح مؤخّر الرأس مسح الرقبة. وقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [من مسح رقبته في الوضوء أمن من الغلّ يوم القيامة](١).
قوله تعالى : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) قرأ ابن عامر ونافع والكسائيّ وحفص ويعقوب : (وأرجلكم) بالنصب ، وهي قراءة عليّ رضي الله عنه ، وقرأ الباقون (وَأَرْجُلَكُمْ) بالخفض وهي قراءة أنس وعلقمة والشعبيّ ، فمن نصب فمعناه : واغسلوا أرجلكم عطفا على الوجه واليدين ، ومن خفض فعلى العطف على الرّأس أو على الابتداء ، والجواز لفظا لا معنى ، كقول العرب : جحر ضبّ خرب ، وقولهم : أكلت السّمن واللبن ، واللبن يشرب ولا يؤكل ، ويقال : فلان متقلّد سيفا ورمحا ، والرّمح لا يتقلّد به ، وإنّما يحمل. وقال لبيد : وأطفلت بالجلهتين ظباؤها ونعامها (٢) ، النّعام لا يطفل وإنما يفرخ ، وقولهم : جحر ضبّ خرب ، كان ينبغي أن يقال : خرب لأنه نعت الجحر ، وإنّما خفض للمجاوزة.
وقال بعضهم : أراد بذلك المسح على الخفّين ، فإن الماسح على الخفّين يسمّى ماسحا على الرّجلين لقرب الجوار ، كما يقال : قبّل فلان على رجل الأمير ورأسه ويده ، وإن كان الرّجلان في الخفّ ، والرأس في العمامة ، واليد في الكمّ. وفي الحديث : [أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم كان إذا ركع وضع يديه على ركبتيه](٣) وليس المراد أنه لم يكن بينهما حائل. واختار بعضهم المسح على الرّجلين ، وهو قول ابن عبّاس ، وقالوا : (الوضوء
__________________
(١) في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين : ج ١ ص ٢٩٦ : النص (٣٠٢) ؛ قال : «غريب. قال ابن الصلاح في مشكل الوسيط : لا يعرف مرفوعا. وقال : رواه أبو منصور الديلمي بسند ضعيف».
(٢) في لسان العرب : باب (جله) و (طفل). :
فعلا فروع الأيهقان وأطفلت |
|
بالجلهتين ظباؤها ونعامها |
الجلهتان : جنبتا الوادي.
(٣) أخرجه أبو داود في السنن : كتاب الصلاة : باب في افتتاح الصلاة : الحديث (٧٣٤). والترمذي في الجامع : أبواب الصلاة : الحديث (٢٦٠) ، وقال : حديث حسن صحيح.