الغزاة. كقوله : (مَقاعِدَ لِلْقِتالِ). (١) قيل : كان الرجل يأتي الصفّ فيقول : تفسّحوا ، فيأبون لحرصهم على الشهادة. (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ). مطلق في كلّ ما يبتغي الناس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغير ذلك. (انْشُزُوا) : انهضوا للتوسعة على المقبلين. أو : انهضوا عن مجلس رسول الله إذا أمرتم بالنهوض عنه ولا تملّوا رسول الله بالمكث فيه. أو : انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير إذا استنهضتم ولا تثبّطوا. (يَرْفَعِ اللهُ) المؤمنين بامتثال أوامره درجات. (٢)
[١٢ ـ ١٣] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٣))
وأمّا آية المناجاة ، فإنّها نزلت في الأغنياء. وذلك أنّهم كانوا يكثرون مناجاته صلىاللهعليهوآله فأمرهم بالصدقة عند المناجاة فانتهوا عن مناجاته. فنزلت آية الرخصة. (٣)
(بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً). كانت الصدقة مفوّضة إليهم غير مقدّرة. ثمّ قال سبحانه ناسخا لهذا الحكم : (أَأَشْفَقْتُمْ) ؛ أي : خفتم ـ يا أهل الميسرة ـ وبخلتم بالصدقة بين يدي نجواكم؟ وهذا توبيخ على ترك الصدقة إشفاقا من العيلة. (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) لتقصيركم فيه. (٤)
(بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ) ؛ أي : قبل نجواكم. (ذلِكَ) ؛ أي : التقديم. (خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ). لأنّ الصدقة طهرة. وروي أنّ الناس أكثروا مناجاة رسول الله بما يريدون حتّى أملّوه وأبرموه ، فأريد أن يكفّوا عن ذلك ، فأمروا بأنّ من أراد أن يناجيه قدّم قبل مناجاته صدقة. وعن عليّ عليهالسلام : انّ في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد [قبلي ولا يعمل بها أحد] بعدي. كان لي
__________________
(١) آل عمران (٣) / ١٢١.
(٢) الكشّاف ٤ / ٤٩٢.
(٣) مجمع البيان ٩ / ٣٧٩.
(٤) مجمع البيان ٩ / ٣٨٠.