أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧))
(أَلَمْ تَرَ). الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوآله والمراد جميع المكلّفين. وهو استفهام معناه التقرير. (هُوَ رابِعُهُمْ). أي بالعلم. يعني كما تكون معلومة عند الرابع الذي هو معهم. أبو جعفر : (ما تَكُونُ) بالتاء. ويعقوب : (وَلا أَكْثَرَ) بالرفع. (١)
(ما يَكُونُ). من كان التامّة. قرئ بالياء والتاء ، على أنّ النجوى تأنيثها غير حقيقيّ. و (مِنْ) فاصلة. والنجوى : التناجي. فلا تخلو إمّا أن تكون مضافة إلى (ثَلاثَةٍ) ، أي : من نجوى ثلاثة نفر ، أو موصوفة بها ، أي : من أهل نجوى ثلاثة ، فحذف الأهل ، أو جعلوا نجوى في أنفسهم مبالغة. فإن قلت : ما الداعي إلى تخصيص الثلاثة والخمسة؟ قلت : فيه وجهان. أحدهما : إنّ قوما من المنافقين [تحلّقوا] للتناجي مغايظة للمؤمنين على هذين العددين ثلاثة وخمسة ، فقيل : ما يتناجى منهم ثلاثة ولا خمسة ، كما ترونهم يتناجون كذلك ، ولا أدنى من عددهم ولا أكثر إلّا والله معهم يسمع ما يقولونه. فقد روي عن ابن عبّاس : انّها نزلت في ربيعة وحبيب وصفوان بن أميّة كانوا يوما يتحدّثون فقال أحدهم : أترى الله يعلم ما نقول؟ فقال الآخر : يعلم بعضا ولا يعلم بعضا. وقال الثاني : إن كان يعلم بعضا ، فهو يعلمه كلّه. وصدق. لأنّ من علم بعض الأشياء بغير سبب ، فقد علمها كلّها. لأنّ كونه عالما بغير سبب ثابت له مع كلّ معلوم. والثاني : انّه قصد بها أن يذكر ما جرت عليه العادة من أعداد أهل النجوى والمتخالين للشورى وهم طائفة مجتباة من أولي النهى والأحلام أوّل عددهم الاثنان فصاعدا إلى خمسة إلى ستّة إلى ما اقتضاه الحال ، فذكر الثلاثة والخمسة وقال : (وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ) فدلّ على الاثنين والأربعة ، وقال (وَلا أَكْثَرَ) فدلّ على ما يلي هذا العدد ويقاربه. (وَلا أَكْثَرَ) بالنصب لأنّ لا لنفي الجنس. ويجوز أن يكون (أَكْثَرَ) بالرفع معطوفا على محلّ (لا) مع أدنى. (٢)
عن ابن عبّاس قال : أضمرت قريش قتل عليّ عليهالسلام وكتب صحيفة ودفعوها إلى
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ٣٧٥ ـ ٣٧٦ و ٣٧٤.
(٢) الكشّاف ٤ / ٤٨٩ ـ ٤٩٠.