يَتَفَرَّقُونَ)(١)(لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) ؛ أي : جزاء أعمالهم. والمعنى أنّهم يرجعون عن الموقف فرقا لينزلوا منازلهم من الجنّة والنار. (٢)
(يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً). قال : يجيئون أشتاتا مؤمنين وكافرين ومنافقين. (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ). قال : يقفوا على ما عملوه. (٣)
(أَشْتاتاً) : بيض الوجوه آمنين وسود الوجوه فزعين. أو : يصدرون عن الموقف أشتاتا تتفرّق بهم طريقا الجنّة والنار. (٤)
[٧ ـ ٨] (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨))
قال جار الله : إنّ حسنات الكافر محبطة بالكفر ، وسيّئات المؤمن مكفّرة باجتناب الكبائر. فما معنى الجزاء لمثاقيل الذرّ من الخير والشرّ؟ وأجاب على مذهبه بأنّ المعنى : فمن يعمل من فريق السعداء مثقال ذرّة خيرا يره. ومن يعمل من فريق الأشقياء مثقال ذرّة شرّا يره. وذلك أنّ الحكم جاء بعد قوله : (يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً). والأولى في جوابه ما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنه : ليس من مؤمن [ولا كافر] عمل خيرا أو شرّا إلّا أراه الله إيّاه. فأمّا المؤمن ، فيغفر له سيّئاته ويثاب بحسناته. وأمّا الكافر ، فتردّ حسناته ويعذّب بسيّئاته. وقيل : إنّ حسنات الكافر وإن كانت محبطة بكفره ، لكنّ الموازنة معتبرة فتقدّر تلك الحسنات وانحبطت من عقاب كفره. وكذا القول في الجانب الآخر. وعن محمّد بن كعب : معناه : فمن يعمل مثقال ذرّة من خير وهو كافر ، فإنّه يرى ثواب ذلك في الدنيا في نفسه أو أهله أو ماله ويلقى الآخرة وليس له فيها خير. ومن يعمل مثقال ذرّة من شرّ وهو مؤمن ، فإنّه يرى عقوبة ذلك في الدنيا في نفسه أو أهله أو ماله حتّى يلقى الآخرة وليس له فيها شرّ. وهذا مرويّ عن ابن عبّاس أيضا. (٥)
__________________
(١) الروم (٣٠) / ١٤.
(٢) مجمع البيان ١٠ / ٧٩٩.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٤٣٣.
(٤) الكشّاف ٤ / ٧٨٤.
(٥) تفسير النيسابوريّ ٣٠ / ١٤٨.