والمعادن فتلقيها على ظهرها ليراها أهل الموقف. والفائدة في ذلك أن تتحسّر العصاة إذا رأوها لأنّهم عصوا الله فيها ثمّ تركوها لا تغني عنهم شيئا. وأيضا فإنّها تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. (١)
[٣] (وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (٣))
(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) : ويقول الإنسان متعجّبا : ما للأرض تتزلزل؟ وقيل : المراد بالإنسان الكافر. لأنّ المؤمن معترف بها لا يسأل عنها. (٢)
وذلك عند النفخة الثانية حين تلفظ أمواتها أحياء فيقولون ذلك لما يبهرهم من الأمر الفظيع ؛ كما يقولون : (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا)(٣). (٤)
[٤ ـ ٥] (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (٥))
(تُحَدِّثُ أَخْبارَها) ؛ أي تخبر بما عمل عليها. وعنه صلىاللهعليهوآله : أخبارها أن تشهد على كلّ عبد وأمة بما عمل على ظهرها ؛ يقول : عملت عليّ كذا وكذا يوم كذا وكذا. فيجوز أن يكون أحدث الله الكلام فيها. (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) ؛ أي : ألهمها وعرّفها بأن تحدّث أخبارها. وقيل : بأن تلقي الكنوز والأموات على ظهرها. وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حافظوا على الوضوء. وخير أعمالكم الصلاة. وتحفّظوا من الأرض. فإنّها أمّكم وليس أحد يعمل فيها خيرا أو شرّا إلّا وهي مخبرة به. (٥)
وتحديث الأرض مجاز عن إحداث الله فيها من الأحوال ما يقوم مقام التحديث باللّسان. وقيل : ينطقها الله على الحقيقة وتخبر بما عمل عليها من خير وشرّ. فإن قلت : (إِذا) و (يَوْمَئِذٍ) ما ناصبهما؟ قلت : يومئذ بدل من إذا وناصبهما (تُحَدِّثُ). ويجوز أن
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ / ٧٩٨.
(٢) مجمع البيان ١٠ / ٧٩٨.
(٣) يس (٣٦) / ٥٢.
(٤) الكشّاف ٤ / ٧٨٣ ـ ٧٨٤.
(٥) مجمع البيان ١٠ / ٧٩٨ ـ ٧٩٩.