[٤ ـ ٥] (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥))
(وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ). يعني : وما اختلف هؤلاء في أمر محمّد إلّا من بعد ما جاءتهم البشارة في كتبهم وعلى ألسنة رسلهم فكانت الحجّة قائمة عليهم. فكذلك لا يترك المشركون من غير حجّة تقوم عليهم. وقيل : معناه : لم يزل أهل الكتاب مجتمعين في تصديق محمّد صلىاللهعليهوآله حتّى بعثه الله. فلمّا بعثه ، تفرّقوا في أمره فآمن به بعض وكفر آخرون. ثمّ بيّن سبحانه ما أمروا به في كتبهم فقال : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ) ؛ أي : لم يأمرهم إلّا بأن يعبدوا الله وحده ، فهذا ما لا يختلف فيه ملّة. (حُنَفاءَ) : مائلين عن جمع الأديان إلى دين الإسلام. (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) ؛ أي : يداوموا عليها ويخرجوا ما فرض عليهم في أموالهم. (وَذلِكَ) الذي قدّم ذكره (دِينُ الْقَيِّمَةِ) ؛ أي : دين الكتب القيّمة التي تقدّم ذكرها. وقيل : دين الملّة القيّمة. واستدلّ بهذه الآية على وجوب النيّة في الطهارة ، إذ أمر سبحانه بالعبادة على وجه الإخلاص وإنّ العبادة لا تقبل إلّا بالنيّة والقربة والطهارة عبادة فلا تجزي إلّا بالنيّة. (١)
(الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ). يعني مكذّبو الشيعة. (ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) ؛ أي : من بعد ما جاءهم الحقّ. (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ). الصلاة والزكاة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام. (٢)
[٦ ـ ٨] (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨))
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ / ٧٩٤.
(٢) تأويل الآيات ٢ / ٨٣٠ ، عن الباقر عليهالسلام.