(إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) ؛ أي : بعد الموتة الأولى. وقيل : معناه : لكنّ الموتة الأولى ذاقوها. (١)
(إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى). فإن قلت : كيف استثنيت الموتة الأولى المذوقة قبل دخول الجنّة من الموت المنفيّ ذوقه فيها؟ قلت : أريد أن يقال : لا يذوقون فيها الموت البتّة ، فوضع قوله : (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) موضع ذلك ، لأنّ الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل ، فهو من باب التعليق بالمحال. كأنّه قيل : إن كان الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنّهم يذوقونها. (٢)
[٥٧] (فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧))
(فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ) ؛ أي : فعل الله ذلك بهم تفضّلا. لأنّه كلّفهم وهداهم ولطف بهم وجازاهم على الحسنة عشر أمثالها. وقيل : إنّما سمّاها فضلا ، وإن كان مستحقّا ، لأنّ سبب الاستحقاق هو التكليف وهو فضل منه سبحانه. (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ؛ أي : الظفر بالمطلوب. و (فَضْلاً) منصوب بفعل محذوف. أي : فعل الله بهم ذلك فضلا. أو : وأعطاهم فضلا. (٣)
[٥٨] (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨))
(يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) ؛ أي : سهّلنا وهوّنّا القرآن على لسانك ويسّرنا قراءته عليك. أو : جعلناه قرآنا عربيّا يسهل عليك وعلى قومك تفهّمه ليتذكّروا ما فيه من الأحكام ويتفكّروا فيه. (٤)
(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) ؛ أي : سهّلناه حيث أنزلناه عربيّا بلسانك إرادة أن يفهمه قومك فيتذكّروا. (٥)
[٥٩] (فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩))
(فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) : فإن أعرضوا ولم يقبلوا ، فانتظر مجيء ما وعدناك به. إنّهم
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ١٠٥.
(٢) الكشّاف ٤ / ٢٨٣.
(٣) مجمع البيان ٩ / ١٠٥ و ١٠٤.
(٤) مجمع البيان ٩ / ١٠٥.
(٥) الكشّاف ٤ / ٢٨٣.