البعث؟ قل : هو قريب. لأنّه آت وكلّ ما هو آت قريب. (١)
[٥٢] (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (٥٢))
(يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) ؛ أي : عسى أن يكون بعثكم ـ أيّها المشركون ـ قريبا ، يوم يدعوكم من قبوركم إلى الموقف فتستجيبون معترفين بأنّ الحمد لله على نعمه. لأنّ المعارف هناك ضروريّة. قال ابن جبير : يخرجون من قبورهم يقولون : سبحانك وبحمدك ، ولا ينفعهم في ذلك اليوم لأنّهم حمدوا حين لا ينفعهم الحمد. (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ) ؛ أي : تظنّون أنّكم لم تلبثوا إلّا قليلا لسرعة انقلاب الدنيا إلى الآخرة. ومن المفسّرين من يذهب إلى أنّ الخطاب للمؤمنين ، لأنّهم الذين يستجيبون لله بحمده ويحمدونه على إحسانه إليهم ويستقلّون مدّة لبثهم في البرزخ لكونهم في قبورهم منعّمين غير معذّبين وأيّام السرور قصار. (٢)
[٥٣] (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (٥٣))
(وَقُلْ) ؛ أي : قل للمؤمنين يقولوا للمشركين الكلمة التي هي أحسن. وفسّر التي هي أحسن بقوله : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ). يعني يقولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ، ولا يقولوا لهم إنّكم من أهل النار وإنّكم معذّبون وما أشبه ذلك ممّا يهيجهم على الشرّ. (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ). اعتراض. يعني : يلقي بينهم الفساد ويغري بعضهم على بعض فيقع بينهم المشاقّة. (٣)
(يَقُولُوا). جواب شرط محذوف. أي : قل لعبادي : قولوا التي هي أحسن يقولوا. (٤)
(يَقُولُوا الَّتِي) ـ الآية. النزول : كان المشركون يؤذون أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله بمكّة فيقولون : يا رسول الله ، ائذن لنا في قتالهم ، فيقول لهم : إنّي لم أومر فيهم بشيء. فأنزل الله : (قُلْ لِعِبادِي) وأراد به المؤمنين. (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ؛ أي : يختاروا من المقالات أحسنها. وقيل :
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٦٤٨.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٦٤٨ ـ ٦٤٩.
(٣) الكشّاف ٢ / ٦٧٢.
(٤) مجمع البيان ٦ / ٦٤٩.