البيان؟ (يُلْحِدُونَ). بفتح الياء أهل الكوفة غير عاصم. والباقون بالضمّ وكسر الحاء. (١)
(مُبِينٌ) ؛ أي : ذوبيان وفصاحة. والجملتان مستأنفتان لإبطال طعنهم. وتقريره يحتمل وجهين. أحدهما : انّ ما يسمعه منه كلام أعجميّ لا يفهمه هو ولا أنتم ، والقرآن عربيّ تفهمونه بأدنى تأمّل. فكيف يكون مما تلقّفه منه؟ وثانيهما : هب أنّه تعلّم منه المعنى باستماع كلامه ، ولكن لم يتلقّف منه اللّفظ لأنّ ذلك أعجميّ وهذا عربيّ. والقرآن كما هو معجز باعتبار المعنى ، فهو معجز من حيث اللّفظ. مع أنّ العلوم الكثيرة التي في القرآن لا يمكن تعلّمها إلّا بملازمة معلّم فائق في تلك العلوم مدّة متطاولة. فكيف تعلّم جميع ذلك من غلام سوقيّ سمع منه بعض أوقات مروره عليه كليمات أعجميّة؟ وطعنهم في القرآن بأمثال هذه الكلمات الركيكة دليل على غاية عجزهم. (٢)
[١٠٤] (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤))
(لا يُؤْمِنُونَ) : لا يصدّقون أنّها من عند الله. (٣)
(لا يَهْدِيهِمُ اللهُ) : لا يلطف بهم لأنّهم من أهل الخذلان في الدنيا والعذاب في الآخرة. (٤)
(لا يَهْدِيهِمُ) إلى طريق الجنّة. (٥)
[١٠٥] (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٠٥))
(إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ). ردّ لقولهم : (إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ). يعني إنّما يليق افتراء الكذب بمن لا يؤمن ، لأنّه لا يترقّب عقابا عليه. (وَأُولئِكَ). إشارة إلى قريش. (هُمُ الْكاذِبُونَ) ؛ أي : هم الذين لا يؤمنون ، فهم الكاذبون. أو إلى الذين لا يؤمنون. أي : أولئك هم الكاملون في الكذب. لأنّ تكذيب آيات الله تعالى أعظم الكذب. (٦)
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٥٩٥ و ٥٩٤.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٥٧.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٥٨.
(٤) الكشّاف ٢ / ٦٣٥.
(٥) مجمع البيان ٦ / ٥٩٦.
(٦) الكشّاف ٢ / ٦٣٨ ـ ٦٣٩.