[٧٦] (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦))
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ). قيل : إنّه مثل ضربه الله فيمن يؤمّل الخير من جهته ومن لا يؤمّل منه. وأصل الخير كلّه من الله. فكيف يسوّى بينه وبين من سواء في العبادة؟ وقيل : إنّه مثل للكافر والمؤمن. فالأبكم الكافر ، والذي يأمر بالعدل المؤمن. وقيل : الأبكم أبيّ بن خلف. ومن يأمر بالعدل حمزة وعثمان بن مظعون. (١)
(أَبْكَمُ). وهو الذي ولد أخرس فلايفهم ولا يفهّم. (وَهُوَ كَلٌّ) ؛ أي : ثقل وعيال على من يلي أمره ويعوله. (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ) : حيثما يرسله ويصرّفه في مطلب حاجة أو كفاية مهمّ ، لم ينفع ولم يأت بنجح. (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ) هو سليم الحواسّ نفّاع ذو كفايات مع رشد وديانة فهو (يَأْمُرُ) الناس (بِالْعَدْلِ) و (هُوَ) في نفسه (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ؛ أي : دين قويم؟ وهذا مثل ضربه لنفسه لما يفيض على عباده من آثار رحمته وألطافه ونعمه وللأصنام التي هي أموات لا تضرّ ولا تنفع. (٢)
(وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ). الذي يأمر بالعدل أمير المؤمنين عليهالسلام. فليس هو مع غيره سواء. (٣)
[٧٧] (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧))
(غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ؛ أي : ما غاب فيهما عن العباد وخفي عليهم علمه. أو أراد بغيب السموات والأرض يوم القيامة لأنّ علمه غائب عنهم. (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) ؛ أي : هو عند الله وإن تراخى. كما تقولون أنتم في الشيء الذي تستقربونه : هو كلمح البصر أو أقرب ، إذا بالغتم في استقرابه. ونحوه قوله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٥٧٨.
(٢) الكشّاف ٢ / ٦٢٣.
(٣) تفسير القمّيّ ١ / ٣٨٧.