(يَمَسَّكَ) ؛ أي : يصيبك عذاب من الله لإصرارك على الكفر. (وَلِيًّا) ؛ أي : قرينا في اللّعن. أو العذاب يليه ويليك. أو : ثابتا في موالاته. فإنّه أكبر من العذاب ؛ كما أنّ رضوان الله أكبر من الثواب. (١)
[٤٦] (قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦))
قال آزر : أمعرض أنت عن عبادة آلهتي التي هي الأصنام؟ لئن لم تمتنع عن هذا ، لأرجمنّك بالحجارة أو لأقتلنّك. (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) ؛ أي : فارقني دهرا طويلا. وقيل : مليّا : سويّا سليما عن عقوبتي. (٢)
(أَراغِبٌ). قابل استعطافه ولطفه في الإرشاد بالفظاظة وغلظة العناد فناداه باسمه ولم [يقابل] يا أبت [بيا بنيّ] وأخّره وقدّم الخبر وصدّره بالهمزة لإنكار نفس الرغبة على ضرب من التعجّب ، كأنّها لا يرغب عنها عاقل. ثمّ هدّده. (وَاهْجُرْنِي). عطف على ما دلّ عليه لأرجمنّك. أي : فاحذرني واهجرني. (٣)
[٤٧] (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧))
(قال إبراهيم سلام عليك». سلام توديع وهجر على ألطف الوجوه. وهو سلام متاركة ومباعدة منه. وقيل : هو سلام إكرام وبرّ ؛ فقابل جفوة أبيه بالبرّ تأدية لحقّ الأبوّة. أي : هجرتك على وجه جميل من غير عقوق. (٤)
(سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ). فإن قلت : كيف جاز أن يستغفر للكافر وأن يعده ذلك؟ قلت : قالوا : أراد اشتراط التوبة عن الكفر ، كما ترد الأوامر والنواهي الشرعيّة على الكفّار والمراد اشتراط الإيمان ، وكما يؤمر المحدث والفقير بالصلاة والزكاة يراد اشتراط الوضوء و
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٧٩٨ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٣٢ ـ ٣٣.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٧٩٨.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٣٣.
(٤) مجمع البيان ٦ / ٧٩٨.