أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١))
(قالَ كَذلِكِ) ؛ أي : قال لها جبرئيل : كذلك ؛ أي : الأمر كذلك ؛ أي : كما وصفت لك. (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) ؛ يعني : خلق الولد من غير زوج لا يشقّ عليّ. (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) فعلنا ذلك. أو معطوف على تعليل مضمر. أي : لنبيّن به قدرتنا ولنجعله آية. (مَقْضِيًّا) ؛ أي : [كان] خلق عيسى من غير ذكر أمرا محتوما قضى الله سبحانه بأنّه يكون. (١)
[٢٢] (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢))
عن عليّ عليهالسلام في قوله : (فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) قال : خرجت من دمشق حتّى أتت كربلاء فوضعته في موضع قبر الحسين عليهالسلام ، ثمّ رجعت من ليلتها. (٢)
(فَحَمَلَتْهُ) ؛ أي : حبلت به في تلك الحال. قيل : إنّ جبرئيل أخذ ردن قميصها بأصبعيه فنفخ فيه ، فحملت مريم من ساعتها ووجدت حسّ الحمل. وعن الباقر عليهالسلام أنّه تناول جيب مدرعتها فنفخ نفخة فكمل الولد في الرحم من ساعته كما يكمل الولد في أرحام النساء تسعة أشهر. فخرجت من المسجد وهي مثقل. فنظرت إليها خالتها فأنكرتها. فمضت على وجهها حياء من خالتها ومن زكريّا. (مَكاناً قَصِيًّا) ؛ أي : تنحّت بالحمل مكانا بعيدا خوفا من قومها أن يتّهموها بسوء. وكان مدّة حملها تسع ساعات ؛ كما روي عن أبي عبد الله عليهالسلام. وقيل : ستّة أشهر. وقيل : ثمانية أشهر. ولم يعش مولود وضع لثمانية أشهر غيره. (٣)
[٢٣] (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣))
(فَأَجاءَهَا). أجاء منقول من جاء إلّا أنّ استعماله قد تغيّر بعد النقل إلى معنى الإلجاء. أي : ألجأها الطلق إلى جذع النخلة فالتجأت إليها للاستتار بها والاعتماد عليها. قال
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٧٨٩ ، والكشّاف ٣ / ١٠.
(٢) بحار الأنوار ١٤ / ٢١٢ ، والتهذيب ٦ / ٧٣ ، ح ١٣٩.
(٣) مجمع البيان ٦ / ٧٨٩ ـ ٧٩٠.