اشتقاقه من قرنت. (فِي الْأَرْضِ) ؛ أي : جعلنا لهم مكانا فيها. أو : قرّرناهم. أو : أعطيناهم من القوى والآلات ما تمكّنوا بها من أنواع التصرّفات. (ما لَمْ نُمَكِّنْ) : ما لم نجعل لكم في السعة وطول المقام يا أهل مكّة. أو : ما لم نعطكم من القوّة والسعة في المال والاستظهار بالعدد والأسباب. (فَأَهْلَكْناهُمْ). أي لم يغن ذلك عنهم شيئا. والمعنى أنّه تعالى كما قدر أن يهلك من قبلكم ـ كعاد وثمود ـ وينشئ مكانهم آخرين يعمر بهم بلاده ، قادر أن يفعل ذلك بكم. (١)
(مِدْراراً) ؛ أى : غزيرا دارّا. كقولهم : امرأة مذكار ، إذا كانت كثيرة الولادة للذكور. وكذلك مئناث في الإناث. (٢)
[٧] (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ)
(وَلَوْ نَزَّلْنا) ـ الآية. نزلت في النضر بن الحارث وعبد الله بن أميّة ونوفل بن خويلد. قالوا : يا محمّد ، لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه أربعة من الملائكة يشهدون عليه أنّه من عند الله وأنّك رسوله. أي : لو أنزلنا عليك كتابة في صحيفة. أراد بالكتاب المصدر ، وبالقرطاس الصحيفة. (فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ). لأنّ اليد أبلغ في الإحساس من المعاينة. ولذلك لم يقل : فعاينوه. يعني لاحتمال أن يقولوا : (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا). (٣)(لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ). يعني أنّه لو أتاهم الدليل مدركا بالحسّ ، لنسبوا ذلك إلى السحر ، لعظم عنادهم وقساوة قلوبهم. (٤)
(بِأَيْدِيهِمْ). تقييده بالأيدي لدفع التجوّز. فإنّه قد يتجوّز به للفحص ؛ كقوله : (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ)(٥). (٦)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤.
(٢) مجمع البيان ٤ / ٤٢٧.
(٣) الحجر (١٥) / ١٥.
(٤) مجمع البيان ٤ / ٤٢٨.
(٥) الجنّ (٧٢) / ٨.
(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٤.