جمع الرسل لأنّ من كذّب رسولا واحدا ، فقد كذّب جميع الرسل ، ولأنّ هودا كان يدعوهم إلى الإيمان به وبمن تقدّمه من الرسل وبما أنزل عليهم من الكتب وكذّبوا بهم جميعا فلذلك عصوهم. (وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ) ؛ أي : اتّبع السفلة والسقّاط الرؤساء. (١)
[٦٠] (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ)
(وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً) ؛ أي : أتبع عاد بعد إهلاكهم في الدنيا بالإبعاد عن الرحمة. فإنّ الله أبعدهم عن رحمته وتعبّد المؤمنين بالدعاء عليهم باللّعن. (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) ؛ أي : في يوم القيامة يبعدون عن رحمة الله كما بعدوا في الدنيا منها ويلعنون بأن يدخلوا النار. (رَبَّهُمْ) ؛ أي : بربّهم. فحذف الباء. (أَلا بُعْداً لِعادٍ) ؛ أي : أبعدهم الله من رحمته فبعدوا بعدا. (٢)
(قَوْمِ هُودٍ). عطف بيان لعاد. وفائدته أن يوسموا بهذه الدعوة وسما وتجعل فيهم أمرا محقّقا لا شبهة فيه ؛ ولأنّ عادا عادان ؛ الأولى القديمة التي هي قوم هود ـ والقصّة فيهم ـ والأخرى إرم. (٣)
[٦١] (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)
(وَإِلى ثَمُودَ). كان ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام. وكان عاد باليمن. (هُوَ أَنْشَأَكُمْ) : ابتدأ خلقكم (مِنَ الْأَرْضِ). لأنّه خلق آدم من الأرض ومرجع نسلكم إليه. (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها). كانت أعمارهم ألف سنة إلى ثلاثمائة سنة. (٤)
(وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) ؛ أي : عمركم فيها واستبقاكم. من العمر. أو : أقدركم على عمارتها وأمركم بها. وقيل : هو من العمرى ، بمعنى : أعمركم فيها دياركم ويرثها منكم بعد انصرام
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٢٦٠.
(٢) مجمع البيان ٥ / ٢٦٠.
(٣) الكشّاف ٢ / ٤٠٦.
(٤) مجمع البيان ٥ / ٢٦٤.