بيّن سبحانه أهل دار السّلام. أي : الذين أحسنوا العمل في الدنيا ، لهم المنزلة الحسنى وزيادة. قيل : إنّ الحسنى الثواب. والزيادة التفضّل ؛ وهي المضاعفة المذكورة في قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها). (١) وقيل : الزيادة نعيم الدنيا لا يحاسبهم به في الآخرة. عن أبي جعفر عليهالسلام. وقيل : الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب. عن عليّ عليهالسلام. (وَلا يَرْهَقُ) ؛ أي : لا يلحق وجوههم سواد ولا هوان. (٢)
(قَتَرٌ) : غبرة فيها سواد. (٣)
[٢٧] (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)
(جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها). يعني يجزون بقدر ما يستحقّون على الأعمال من غير زيادة ؛ لأنّه ظلم. (مِنْ عاصِمٍ) ؛ أي : مانع يدفع عقاب الله عنهم. (٤)
(وَالَّذِينَ كَسَبُوا). معطوف على قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا). كأنّه قيل : وللّذين كسبوا السيّئات جزاء سيّئة بمثلها. (٥) وهذا على مذهب من يجوّز : في الدار زيد والحجرة عمرو. أو يكون (الَّذِينَ) مبتدأ والخبر (جَزاءُ سَيِّئَةٍ) على تقدير : وجزاء الذين كسبوا السيّئات جزاء سيّئة بمثلها ؛ أي : أن تجازى سيّئة بسيّئة مثلها لا يزاد عليها. وفيه تنبيه على أنّ الزيادة هي الفضل. (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) لفرط سوادها وظلمتها. (قِطَعاً). ابن كثير والكسائيّ : (قِطَعاً) بسكون الطاء. (مُظْلِماً). حال من اللّيل. والعامل فيه أغشيت ـ لأنّه العامل في قطعا وهو موصوف بالجارّ والمجرور والعامل في الموصوف عامل في الصفة ـ أو معنى الفعل في من اللّيل. وعلى قراءة سكون الطاء ، يصحّ أن يكون مظلما صفة
__________________
(١) الأنعام (٦) / ١٦٠.
(٢) مجمع البيان ٥ / ١٥٧ ـ ١٥٨.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٣٣.
(٤) مجمع البيان ٥ / ١٥٨.
(٥) الكشّاف ٢ / ٣٤٣.