مَعَكُمْ) مظاهرين؟ فأسهموا لنا في الغنيمة. (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) : ألم نغلبكم ونتمكّن من قتلكم وأسركم فأبقينا عليكم (وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بأن ثبّتناهم عنكم وخيّلنا لهم ما ضعفت به قلوبهم ومرضوا في قتالكم وتوانينا في مظاهرتهم عليكم؟ فهاتوا لنا نصيبا ممّا أصبتم. (فَتْحٌ). سمّاه فتحا لأنّه أمر عظيم يفتح لهم أبواب السماء حتّى ينزل على أوليائه. (نَصِيبٌ) ؛ أي : حظّ دنيّ ولمظة من الدنيا يصيبونها. (١)
(قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) ؛ أي : قال المنافقون للكافرين : ألم نغلبكم على رأيكم بالموالاة لكم (وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ) الدخول في جملة (الْمُؤْمِنِينَ)؟ وقيل : معناه : ألم نبيّن لكم أنّا على ما أنتم عليه؟ أي : ألم نضمّكم إلى أنفسنا ونطلعكم على أسرار محمّد صلىاللهعليهوآله وأصحابه ونكتب لكم بأخبارهم حتّى غلبتم عليهم؟ فاعرفوا لنا هذا الحقّ عليكم. وقيل : معناه : إنّا دفعنا عنكم صولة المؤمنين بتحديثنا إيّاهم عنكم وكوننا عيونا لكم حتّى انصرفوا عنكم وغلبتموهم. (٢)
(وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ) ؛ أي : لليهود على المؤمنين نصرا ولا ظهورا. وقيل : لا يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا بالحجّة وإن جاز أن يغلبوهم بالقوّة. على أنّ غلبة الكفّار على المسلمين ليس من الله. لأنّه لا يفعل القبيح. وقيل : لن يجعل لهم في الآخرة سبيلا على المؤمنين وإن غلبوهم في الدنيا بالقهر والغلبة. (٣)
عن أبي الصلت الهرويّ قال : قلت للرضا عليهالسلام : قوم يزعمون أنّ الحسين عليهالسلام لم يقتل وأنّه ألقي شبهه على حنظلة بن أسعد الشاميّ وأنّه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم عليهماالسلام ويحتجّون بهذه الآية : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً). فقال : كذبوا! عليهم غضب الله! والله لقد قتل الحسين عليهالسلام وقتل من كان خيرا من الحسين أمير المؤمنين عليهماالسلام. وأمّا قوله : (سَبِيلاً) فإنّه يقول : لن يجعل الله لهم على أنبيائه سبيلا من طريق الحجّة. (٤)
__________________
(١) الكشّاف ١ / ٥٧٨ ـ ٥٧٩.
(٢) مجمع البيان ٣ / ١٩٦.
(٣) مجمع البيان ٣ / ١٩٦ ـ ١٩٧.
(٤) عيون الأخبار ٢ / ٢٠٣ ، ح ٥.