الدال. فالعين علمه بالله تعالى. والباء بونه عمّا سواه. والدال دنوّه من الله بلا كيف ولا حجاب. (١)
أقول : ذكر المحقّقون أنّ صفة العبوديّة فوق صفة الرسالة والنبوّة. وذلك أنّها حالة رابطة بينه وبين مولاه لا تعلّق لها بالخلق ، بخلاف الرسالة ؛ فإنّ لها نسبة إلى المرسل إليهم. ومن ثمّ قال في مقام الثناء عليه : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ). (٢)
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ). دخلت إن هاهنا لغير الشكّ. لأنّ الله تعالى علم أنّهم مرتابون ، ولكن هذا على عادة العرب في خطابهم. كقولهم : إن كنت ابني فأطعني. والريب : الشكّ مع تهمة. و (مِنْ مِثْلِهِ) صفة سورة. أى : كائنة من مثله. والضمير لما نزّلنا. ومن للتبعيض ـ أي : فأتوا ببعض ما هو مثل له وهو سورة ـ أو للتبيين. وزائدة عند الأخفش. أي : بسورة مماثلة للقرآن في البلاغة وحسن النظم. أو لعبدنا. أي : ممّن هو على حاله من كونه بشرا عربيّا أو أمّيّا لم يقرأ الكتب ولم يأخذ من العلماء ، ولا قصد إلى [مثل ونظير هنالك. وردّ الضمير إلى المنزّل أوجه ؛ لقوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ] مِثْلِهِ). (٣)(فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ). (٤)(عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ). (٥) ولأنّ الحديث في المنزّل لا في المنزّل [عليه]. (٦)
(مِنْ دُونِ اللهِ) ؛ أي : من غير الله. (٧)
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ). لمّا قرّر وحدانيّته تعالى وبيّن الطريق الموصل إليها ، ذكر عقيبه ما هو الحجّة على نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله وهو القرآن المعجز فصاحته. (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ) ؛ أي : من يشهدكم ويعينكم. (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنّه من كلام البشر. (٨)
[٢٤] (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ
__________________
(١) مصباح الشريعة / ٥٤١. وما ورد في المتن : «وروى الشيخ ...» خطأ.
(٢) الإسراء (١٧) / ١.
(٣) يونس (١٠) / ٣٨.
(٤) هود (١١) / ١٣.
(٥) الإسراء (١٧) / ٨٨.
(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٨ ـ ٣٩ ، والكشّاف ١ / ٩٨ ، ومجمع البيان ١ / ١٥٧.
(٧) مجمع البيان ١ / ١٥٧.
(٨) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٨ ـ ٣٩.