ردّها إلى الأحكام المنصوص في الوقائع المشابهة لها ، وهو معنى القياس. (١) انتهى ملخّصا. ومن لا حظ أطرافه ، ظهر له ما فيه من الاختلال. وذلك لأنّ الله سبحانه كما أوجب عليك الرجوع إلى الكتاب والسنّة بعد معرفتهما والتدبّر فيهما ، أوجب أيضا الرجوع إلى الإمام بعد معرفته. فلا تفاوت بينهما. وقد فصّلنا الكلام هنا في شرحنا على تهذيب الأحكام.
(فَإِنْ تَنازَعْتُمْ) ؛ أي : إن اختلفتم أنتم وأولوا الأمر منكم في شيء من أمور الدين ، فارجعوا فيه إلى الكتاب والسنّة. هكذا في الكشّاف (٢) ومن تلاه. وقد ورد ردّ هذا عن السادة الأطهار عليهمالسلام : بأنّه كيف يأمر بطاعتهم ويرخص في منازعتهم. إنّما قال ذلك للمأمورين من الذين قيل لهم : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ).
(أَطِيعُوا اللهَ) في الأوامر والنواهي. وكذلك إطاعة الرسول صلىاللهعليهوآله لاتّحادهما. وإنّما أفردهما مبالغة في البيان. (٣)
(وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). للمفسّرين فيه قولان : أحدهما أنّهم الأمراء. والآخر أنّهم العلماء. فأمّا أصحابنا رضوان الله عليهم فإنّهم رووا عن الباقر والصادق عليهماالسلام أنّ أولي الأمر هم الأئمّة عليهمالسلام من آل محمّد صلىاللهعليهوآله أوجب الله طاعتهم بالإطلاق كما أوجب طاعته وطاعة رسوله. ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الإطلاق إلّا من ثبت عصمته وعلم أنّ باطنه كظاهره وأمن منه الغلط والأمر بالقبيح. وليس ذلك بحاصل في الأمراء والعلماء سواهم. جلّ الله عن أن يأمر بطاعة من يعصيه أو بالانقياد للمختلفين في القول والفعل. لأنّه محال أن يجتمع ما اختلفوا فيه. (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ) ؛ أي : فإن اختلفتم في شيء من أمور دينكم ، فردّوا التنازع فيه إلى كتاب الله وسنّة الرسول صلىاللهعليهوآله. وهو قول مجاهد. ونحن نقول : الردّ إلى الأئمّة القائمين مقام الرسول بعد وفاته هو مثل الردّ إلى الرسول في حياته. لأنّهم الحافظون لشريعته وخلفاؤه في أمّته فجروا مجراه فيه. (٤)
__________________
(١) التفسير الكبير ١٠ / ١٤٣ و ١٤٤ و ١٤٦.
(٢) الكشّاف ١ / ٥٢٤.
(٣) مجمع البيان ٣ / ٩٩.
(٤) مجمع البيان ٣ / ١٠٠.