الظلم يستلزم العدل المقتضي إثابة المحسن ومعاقبة المسيء. (١) إلّا أنّه يفعل بالنسبة إلى من يشاء من المؤمنين ما هو أعلى وأرفع من العدل وهو التفضّل.
(ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) ؛ أي : عملتموه. (بِظَلَّامٍ). إنّما ذكر لفظ ظلّام ـ وهو للتكثير ـ تأكيدا لنفي الظلم عنه. (٢)
[١٨٣] (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
(الَّذِينَ قالُوا). محلّه جرّ ردّا على الذين قالوا إنّ الله فقير ، على تقدير : وسمع قول الذين. نزلت في جماعة من اليهود قالوا : يا محمّد ، إنّ الله عهد إلينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول حتّى يأتينا بقربان تأكله النار. فإن زعمت أنّ الله بعثك إلينا ، فجئنا به نصدّقك. فأنزل الله هذه الآية. (٣)
(حَتَّى يَأْتِيَنا) ؛ أي : يأتينا بهذه المعجزة الخاصّة التي كانت لأنبياء بني إسرائيل ؛ وهو أن يقرّب قربانا فيقوم النبيّ فيدعو فتنزل نار من السماء فتأكله. وهذا من أباطيلهم. لأنّ أكل النار القربان ، لم يوجب الإيمان إلّا لكونه معجزة ، فهو وسائر المعجزات شرع سواء في ذلك. (٤)
(قُلْ قَدْ جاءَكُمْ). عن محمّد بن الأرقط عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال لي : تنزل الكوفة؟ قلت : نعم. قال : فترون قتلة الحسين بين أظهركم؟ قلت : جعلت فداك ؛ ما بقي منهم أحد. قال : فإذن أنت لا ترى القاتل إلّا من قتل أو من ولي القتل. ألم تسمع إلى قول الله : (قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي) ـ الآية؟ وكان بين القائلين والقاتلين خمسمائة عام فألزمهم الله القتل
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ١٩٣.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٨٩٩.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٩٠٠.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ١٩٣.