تعلموه وحده مطّلعا على الغيب وتعلموا أنّ الرسل عباد مجتبين لا يعلمون إلّا ما علّمهم الله ولا يقولون إلّا ما أوحى إليهم. روي أنّه صلىاللهعليهوآله قال : عرضت عليّ أمّتي وأعلمت من يؤمن بي ومن يكفر. فقال المنافقون : إنّه يزعم أنّه يعرف من يؤمن به ومن يكفر ونحن معه ولا يعرفنا! فنزلت. (وَإِنْ تُؤْمِنُوا) حقّ الإيمان (وَتَتَّقُوا) النفاق. (١)
[١٨٠] (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
روي أنّها نزلت في مانعي الزكاة. (٢)
(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ). القراءات فيه ما سبق. ومن قرأ بالتاء قدّر مضافا ليتطابق مفعولاه. أي : لا تحسبنّ بخل الذين يبخلون هو خيرا لهم. وكذا من قرأ بالياء ، إن جعل الفاعل ضمير الرسول صلىاللهعليهوآله أو من يحسب. وإن جعله الموصول ، كان المفعول الأوّل محذوفا لدلالة يبخلون عليه. أي : لا يحسبنّ البخلاء بخلهم هو خيرا لهم. (بَلْ هُوَ) ؛ أي : البخل (شَرٌّ لَهُمْ) لاستجلاب العقاب عليهم. (سَيُطَوَّقُونَ). بيان لكونه شرّا. والمعنى : سيلزمون وبال ما بخلوا به إلزام الطوق. وعنه صلىاللهعليهوآله : ما من رجل لا يؤدّي زكاة ماله ، إلّا جعله الله شجاعا في عنقه يوم القيامة. (٣) والشجاع ـ : بالضمّ : ذكر الحيّات.
(وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ؛ أي : وله ما فيهما ممّا يتوارث. فما لهؤلاء يبخلون عليه بماله؟ أو : إنّه يرث منهم ما يمسكونه ولا ينفقون في سبيله بهلاكهم وتبقى عليهم الحسرة والعقوبة. (٤)
(سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا). عن الصادق عليهالسلام أنّها نزلت في مانع الزكاة. وما من أحد يمنع من زكاة ماله شيئا إلّا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار في عنقه ينهش من لحمه حتّى
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ١٩٢.
(٢) جوامع الجامع ١ / ٢٦٣.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ١٩٢.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ١٩٢.