وقوع الضلالة في مقابلته. قال الله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى). (١) فإن قلت : فلم قيل : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) والمتّقون مهتدون؟ قلت : هو كقولك للعزيز : أعزّك الله ، تريد طلب الزيادة إلى ما هو ثابت فيه واستدامته. ووجه آخر وهو أنّه سمّاهم عند مشارفتهم لاكتساء لباس التقوى متّقين. (٢)
(لِلْمُتَّقِينَ). جمع متّق. أصله : موتقين ، قلبت الواو تاء. مأخوذ من الوقاية ؛ لأنّه يقي نفسه من العذاب.
وعنه صلىاللهعليهوآله قال : جمع التقوى في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) ـ الآية. (٣) وقيل : المتّقي الذي اتّقى ما حرّم عليه وفعل ما أوجب عليه. وعن الصادق عليهالسلام (٤) : التقوى أن لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك. (٥)
للتقوى ثلاث مراتب. الأولى : التوقّي من العذاب المخلّد بالتبرّي من الشرك. وعليه قوله تعالى : (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى). (٦) والثانية : التجنّب عن كلّ ما يؤثم من فعل أو ترك حتّى الصغائر عند قوم. وهو المتعارف باسم التقوى في الشرع. وهو المعنيّ بقوله : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا). (٧) والثالثة : أن يتنزّه عمّا يشغل سرّه عن الحقّ ويتبتّل إليه بشراشره. وهو التقوى الحقيقيّ المطلوب بقوله : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ). (٨) وقد فسّر قوله : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) على الأوجه الثلاثة. (٩)
[٣] (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)
(يُؤْمِنُونَ). قرئ بالهمزة على الأصل وتركها للتخفيف. (١٠)
__________________
(١) البقرة (٢) / ١٦.
(٢) الكشّاف ١ / ٣٥.
(٣) النحل (١٦) / ٩٠.
(٤) في المصدر : (قال بعضهم) بدل «عن الصادق عليهالسلام».
(٥) مجمع البيان ١ / ١١٨.
(٦) الفتح (٤٨) / ٢٦.
(٧) الأعراف (٧) / ٩٦.
(٨) آل عمران (٣) / ١٠٢.
(٩) تفسير البيضاويّ ١ / ١٦.
(١٠) مجمع البيان ١ / ١١٩.