على مصيب من المضارّ. ويجوز أن يكون الضمير في أثابكم للرسول. أي : فآساكم في الاغتمام وكما غمّكم ما نزل به من كسر الرباعية والشجّة وغيرهما ، غمّه ما نزل بكم ، فأثابكم غمّا اغتمّه لأجلكم بسبب غمّ اغتممتموه لأجله ولم يثربكم على عصيانكم ومخالفتكم لأمره. وإنّما فعل ذلك ليسلّيكم وينفّس عنكم لئلّا تحزنوا على ما فاتكم من نصر الله ولا على ما أصابكم من غلبة العدوّ. (١)
(وَلا ما أَصابَكُمْ). قيل : لا مزيدة. والمعنى : لتأسفوا على ما فاتكم من الظفر والغنيمة وعلى ما أصابكم من الجرح والهزيمة عقوبة لكم. (٢)
[١٥٤] (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)
(ثُمَّ أَنْزَلَ) ؛ أي : أنزل الله الأمن على المؤمنين وأزال عنهم الخوف الذي كان بهم حتّى نعسوا. (٣)
(أَمَنَةً). أنزل الله عليكم الأمن حتّى أخذكم النعاس. وعن أبي طلحة : غشينا النعاس في المصافّ حتّى كان السيف يسقط من [يد] أحدنا فيأخذه ثمّ يسقط فيأخذه. والأمنة : الأمن. نصب على المفعول. و (نُعاساً) بدل منها. أو هو المفعول و (أَمَنَةً) حال منه متقدّمة. (٤)
(يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ). يعني المؤمنين ألقي عليهم النوم. وكان السبب في ذلك توعّد المشركين لهم بالرجوع إلى القتال فقعد المسلمون تحت الجحف متهيّئين للحرب ، فأنزل الله
__________________
(١) الكشّاف ١ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨٥.
(٣) الكشّاف ١ / ٤٢٨.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨٥.