بعضهم : قد انهزم المشركون فما موقفنا هاهنا؟ وقال بعضهم : لا نخالف أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله. فممّن ثبت مكانه عبد الله بن جبير في نفر دون العشرة وهم المعنيّون بقوله : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) ونفر أعقابهم ينهبون ؛ وهم الذين أرادوا الدنيا. فكرّ المشركون على الرماة وقتلوا عبد الله بن جبير وقتلوا من قتلوا من أصحابه. وحالت الريح دبورا وكانت صبا. وهو قوله : (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ). (١)
(وَعْدَهُ). وهو قوله صلىاللهعليهوآله للرماة : لا تبرحوا هذا المكان. فإنّا لا نزال غالبين ما ثبتّم في مكانكم. (٢)
(ما تُحِبُّونَ) يوم بدر ، أو في ذلك اليوم وهو أحد ، لأنّ النصر كان للمسلمين قبل أن تتحوّل الرماة عن مكانهم.
(تَحُسُّونَهُمْ) : تقتلونهم. من حسّه ، إذا أبطل حسّه. (٣)
(بِإِذْنِهِ) : بلطفه. أو : بعلمه. (٤)
(حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ) منعكم نصره. ويجوز أن يكون معناه : صدقكم الله وعده إلى وقت فشلكم. (٥)
(صَرَفَكُمْ) ؛ أي : رفع النصرة عنكم ووكلكم إلى أنفسكم بخلافكم عن النبيّ صلىاللهعليهوآله. (٦)
(لِيَبْتَلِيَكُمْ) : ليمتحن صبركم على المصائب وثباتكم على الإيمان عندها. (وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ) لما علم من ندمكم على ما فرط منكم من عصيان رسول الله صلىاللهعليهوآله. (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ؛ أي : يتفضّل عليهم بالعفو ، أو هو مفضل عليهم في جميع الأحوال سواء أديل لهم أو أديل عليهم. لأنّ الابتلاء رحمة كما أنّ النصرة رحمة. (٧)
عن سهل الساعديّ قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم أحد وكسرت رباعيته وهشمت
__________________
(١) الكشّاف ١ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٨٥٨.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨٤.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٨٥٨.
(٥) الكشّاف ١ / ٤٢٧.
(٦) مجمع البيان ٢ / ٨٥٩.
(٧) الكشّاف ١ / ٤٢٧.