(يَظْلِمُونَ) ؛ أي : ما ظلم المنفقين بضياع نفقاتهم ولكن ظلموا أنفسهم لمّا لم ينفقوها بحيث يعتدّ بها. أو : ما ظلم أصحاب الحرث بإهلاكه ولكن ظلموا أنفسهم بارتكاب ما استحقّوا به العقوبة. (١)
[١١٨] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا). نزلت في رجال من المسلمين كانوا يواصلون رجالا من اليهود لما كان بينهم من الصداقة والجوار والرضاع. وقيل : نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يصادقون المنافقين ويخالطونهم. (٢)
(لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً) : وليجة. وهو الذي يعرّفه الرجل أسراره ثقة به. شبّه ببطانة الثوب كما شبّه بالشعار. قال صلىاللهعليهوآله : الأنصار شعار. والناس دثار. (مِنْ دُونِكُمْ) ؛ أي : من دون المسلمين. وهو متعلّق بلا تتّخذوا. (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) : لا يقصرون لكم في الفساد. والألو : التقصير. (وَدُّوا ما عَنِتُّمْ) : تمنّوا عنتكم. وهو شدّة الضرر. وما مصدريّة. (مِنْ أَفْواهِهِمْ) ؛ أي : من كلامهم. لأنّهم لا يتمالكون أنفسهم لفرط بغضهم. (أَكْبَرُ) ممّا أظهر. (٣)
(لا يَأْلُونَكُمْ). علّة للمنع عن مواصلتهم. (٤)
[١١٩] (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)
(ها أَنْتُمْ) ؛ أي : أنتم أولاء الخاطئون في موالاة الكفّار. (تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ). بيان
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ١٧٦.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٨٢٠.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ١٧٦ ـ ١٧٧.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٨٢٠.