مقدّمة المؤلّف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله. وصلّى الله على محمّد وأهل بيته الطاهرين. وبعد ؛ فإنّ المذنب الجاني ، قليل البضاعة وكثير الإضاعة ، نعمة الله الحسينيّ الجزائريّ ـ وفّقه الله تعالى لمراضيه وجعل مستقبل أحواله خيرا من ماضيه ـ يقول :
لمّا وفّقه الله سبحانه لما أردنا تأليفه من شرحي التهذيب والاستبصار وشرح كتاب التوحيد للصدوق وكتاب الأنوار النعمانيّة ، عطفت بنا العناية الإلهيّة إلى إرادة اسنكشاف ما في كتاب الله تعالى من التفسير والتأويل المأخوذين من كلام أهل الذكر عليهمالسلام أو من كلام العلماء المفسّرين (١) وأن نذكر مهمّات القراءة ونكات العربيّة والتراكيب النحويّة على
__________________
(١) اعلم أنّنا نذكر في حواشي هذا القرآن جملة من كلام المفسّرين. ولعلّك تظنّ أنّ هذا ينافي ما رواه أصحابنا رضوان الله عليهم من أنّه من فسّر القرآن برأيه وأصاب الحقّ فقد أخطأ (مجمع البيان ١ / ٨٠) حتّى أنّ أصحابنا الأخباريّين ذهبوا إلى أنّ القرآن كلّه متشابه لا يجوز تفسير شيء منه إلّا بالحديث.
قلت : الحقّ في هذا المقام ما قاله شيخنا الطوسيّ طاب ثراه من أنّه لا يجوز التناقض في كلام الله تعالى ولا أهل البيت عليهمالسلام ، لأنّه قال : «بلسان عربيّ» [الشعراء (٢٦) / ١٩٥] وذمّ من لم يتدبّر القرآن ، وقال : إذا جاءكم عنّي حديث ، فاعرضوه على كتاب الله. فكيف لا يفهم منه شيء؟ ثمّ إنّه طاب ثراه فسّر أربعة أقسام أحدها ما اختصّ الله تعالى بعلمه ؛ كقوله تعالى : «إنّ الله عنده علم الساعة». [لقمان (٣١) / ٣٤] وثانيها ما يعرفه كلّ من يعرف اللّغة ؛ مثل : «قل هو الله أحد». وثالثها : ما هو مجمل لا ينبئ ظاهره عن معناه ؛ مثل قوله تعالى : «وأقيموا الصلاة». فإنّه لا يفهم تفاصيلها إلّا منه صلىاللهعليهوآله. ورابعها : ما كان اللّفظ مشتركا بين معنيين فما زاد فإنّه لا يجوز أن يقطع على إرادة واحد منها إلّا بالنصّ. وحينئذ يكون النهي عن تفسير القرآن بالرأي متناولا للقسم الأوّل مطلقا ، وللثالث والرابع على إرادة التفصيل. [التبيان ١ / ٥ ـ ٦]