لما صحّت المحاجّة في إثبات الصانع. (حَاجَّ). عن الصادق عليهالسلام : كانت المحاجّة بعد إلقائه في النار. (فِي رَبِّهِ) ؛ أي : ربّ إبراهيم. (أُحْيِي). عن الصادق عليهالسلام : قال له إبراهيم : أحي من قتلته إن كنت صادقا. (١)
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ). تعجيب من حال نمرود ومحاجّته في الله وكفره به. (أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ). متعلّق بحاجّ على وجهين. أحدهما : حاجّ لأن آتاه الله الملك ، على معنى أنّ إيتاء الملك أبطره وأورثه الكبر والعتوّ فحاجّ لذلك. أو على أنّه وضع المحاجّة في ربّه موضع ما وجب عليه من الشكر على أن آتاه الله الملك ، فكأنّ المحاجّة كانت لذلك. كما تقول : عاداني فلان لأنّي أحسنت إليه ، تريد أنّه عكس ما كان يجب عليه من الموالاة لأجل الإحسان. فإن قلت : كيف جاز أن يؤتي الله الملك الكافر؟ قلت : فيه قولان : آتاه ما غلب به وتسلّط من المال والخدم والأتباع. وأمّا التغليب والتسليط فلا. وقيل : ملّكه امتحانا لعباده. و (إِذْ قالَ). نصب بحاجّ ، أو بدل من آتاه إذ جعل بمعنى الوقت. (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ). أريد : أعفو عن القتل وأقتل. وكان اعتراض إبراهيم عليهالسلام على هذا القول حاضرا. لأنّ إبراهيم أراد من الإماتة [و] الإحياء غير هذا المعنى ، ولكنّه صلوات الله عليه لمّا سمع جوابه الأحمق ، لم يحاجّه فيه ، ولكن انتقل إلى ما لا يقدر فيه على نحو ذلك الجواب ليبهته أوّل شيء. وقيل : كانت هذه المحاجّة حين كسر الأصنام وحبسه نمرود ثمّ أخرجه من السجن ليحرقه فقال له : من ربّك الذي تدعو إليه؟ قال إبراهيم عليهالسلام : (رَبِّيَ الَّذِي) الآية. (٢)
[٢٥٩] (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٦٣٥ ـ ٦٣٦.
(٢) الكشّاف ١ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦.