على أمّ موسى فوضعت فيه ابنها وألقته في البحر. وكان في بني إسرائيل يتبرّكون به. فلمّا حضر موسى الوفاة ، وضع فيه الألواح ودرعه وما كان من آثار النبوّة وأودعه عند وصيّه يوشع بن نون. فما زال التابوت بينهم وبنو إسرائيل في عزّ وشرف ما دام فيهم حتّى استخفّوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات. فلمّا عملوا المعاصي ، رفعه الله عنهم. فلمّا سألوا نبيّهم أن يبعث إليهم ملكا ، بعث الله لهم طالوت وردّ عليهم التابوت. قيل : كان في أيدي أعداء بني إسرائيل من العمالقة غلبوهم عليه لمّا حدث في بني إسرائيل الأحداث. ثمّ انتزعه الله من أيديهم وردّه على بني إسرائيل تحمله الملائكة. روي ذلك عن أبي عبد الله عليهالسلام. وكان قدر التابوت ثلاثة أذرع في ذراعين ، عليه صفائح الذهب. وكان من شمشاد. وكانوا يقدّمونه في الحروب ويجعلونه أمام جندهم ، فإذا سمع من جوفه أنين ، سار التابوت ، فكانوا يسيرون خلفه ، فإذا سكن الأنين ، وقف ، فوقف الناس. (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ). في التابوت نفسه. قيل : إنّ السكينة ريح هفّافة من الجنّة لها وجه كوجه الإنسان. عن عليّ عليهالسلام. قيل : كان له جناحان ورأس كرأس الهرّة من الزبرجد والزمرّد. وروي ذلك في أخبارنا. (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى). قيل : إنّها عصا موسى ورضاض الألواح. عن أبي جعفر عليهالسلام. وقيل : هي التوراة وشيء من ثياب موسى. والظاهر أنّ السكينة أمنة وطمأنينة جعلها الله سبحانه [فيه] ليسكن إليها بنو إسرائيل. فالبقيّة جاز أن يكون بقيّة من العلم وشيئا من علامات الأنبياء. وقيل : المراد بآل موسى وهارون ، موسى وهارون. تقول العرب : آل فلان ، يريدون نفسه. (١)
عن جابر الجعفيّ أنّه لمّا شكت الشيعة إلى زين العابدين عليهالسلام ممّا يلقونه من بني أميّة ، دعا الباقر عليهالسلام وأمر أن يأخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل ويحرّكه تحريكا خفيفا. قال : فمضى إلى المسجد فصلّى فيه ركعتين ثمّ وضع خدّه على الثرى وتكلّم بكلمات ثمّ رفع رأسه فأخرج من كمّه خيطا دقيقا يفوح منه رائحة المسك وأعطاني طرفا منه. فمشيت رويدا. فقال : قف
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٦١٤.