على جهة العوض لما فات في السنة الأولى. وتقديره : الشهر الحرام ذو القعدة الذي دخلتم فيه مكّة واعتمرتم وقضيتم منها وطركم في سنة سبع بالشهر الحرام ذي القعدة الذي صددتم فيه عن البيت ومنعتم عن مرادكم في سنة ستّ. (وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ). يعني أنّ الحرمات قصاص بالمراغمة بدخول البيت في الشهر الحرام. قال مجاهد : لأنّ قريشا فخرت بردّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عام الحديبيّة محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام ، فأدخله الله مكّة في العام المقبل في ذي القعدة فقضى عمرته وأقصّه بما حيل بينه وبينه. وروي عن أبي جعفر عليهالسلام مثله. [أو انّ الحرمات] قصاص بالقتال في أشهر الحرم. أي لا يجوز للمسلمين القتال في أشهر الحرم إلّا قصاصا. وإنّما جمع الحرمات لأنّه أراد حرمة الشهر وحرمة البلد وحرمة الإحرام. وقيل : لأنّ كلّ حرمة تستحلّ فلا يجوز إلّا على وجه [المجازاة]. (فَاعْتَدُوا) ؛ أي : جازوه باعتدائه. (مَعَ الْمُتَّقِينَ) بنصرهم على عدوّهم. (١)
[١٩٥] (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
(وَأَنْفِقُوا). عن أبي عبد الله عليهالسلام : لو أنّ رجلا أنفق ما في يديه في سبيل الله ، ما كان أحسن ؛ لقوله سبحانه : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ؛ يعني : المقتصدين. وأمّا قول الناس : إنّ الحسين عليهالسلام قاتل وحده ولم يصالح كما صالح رسول الله صلىاللهعليهوآله المشركين وأمير المؤمنين عليهالسلام البغاة ، فالجواب : انّ فعله عليهالسلام يحتمل وجهين. أحدهما : انّه ظنّ أنّهم لا يقتلونه لمكانه من رسول الله صلىاللهعليهوآله. والآخر : انّه غلب على ظنّه أنّه لو ترك قتالهم ، قتله الملعون ابن زياد صبرا ، كما فعل با بن عمّه مسلم بن عقيل رضى الله عنه ، فكان القتل مع عزّ النفس والجهاد أهون عليه. (٢)
أقول : روي هذا المضمون عنه عليهالسلام لمّا قال له الأحبّاء بترك سفر العراق من قوله عليهالسلام :
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٥١٣ ـ ٥١٤.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٥١٦.