(وَقالُوا). أي أهل الكتاب. (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ) ؛ أي : قالت اليهود : لن يدخل الجنّة إلّا من كان هودا. وقالت النصارى : لن يدخل الجنّة إلّا من كان نصارى. فلفّ بين القولين ثقة بأنّ السامع يردّ إلى كلّ فريق قوله. (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ) : أباطيلهم وما يتمنّونه على الله تعالى. فإن قلت : لم قيل : (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ) وقولهم : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ) أمنيّة واحدة؟ قلت : أشير بها إلى الأمانيّ المذكورة وهي أمنيّتهم أن لا ينزل على المؤمنين خير من ربّهم وأمنيّتهم أن لا يدخل الجنّة غيرهم. أي : تلك الأمانيّ الباطلة أمانيّهم. (١)
(هُوداً). جمع هائد. والهائد : التائب الراجع إلى الحقّ. (٢) لأنّهم تابوا عن عبادة العجل.
(قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) على اختصاصكم بدخول الجنّة. (٣)
[١١٢] (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)
معنى (أَسْلَمَ) يحتمل وجهين. أحدهما : أسلم إلى كذا بمعنى صرفه إليه. كقولك : أسلمت الثوب إليه. والثاني : أسلم له بمعنى أخلص له. من قولك : قد سلم الشيء لفلان ، إذا أخلص له. ومنه قوله : (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ)(٤) ؛ أي : خالصا. (٥)
(بَلى). إثبات لما نقوه من دخول غيرهم الجنّة. (أَسْلَمَ) : أخلص نفسه لله. (عِنْدَ رَبِّهِ) ؛ أي ثابتا عنده لا يضيع ولا ينقص. والجملة جواب من إن كانت [شرطيّة وخبرها إن كانت] موصولة. والفاء فيها لتضمّنها معنى الشرط. فيكون الردّ بقوله : (بَلى) وحده ويحسن الوقف عليه. ويجوز أن يكون (مَنْ أَسْلَمَ) فاعل فعل محذوف مثل بلى يدخلها من أسلم. (يَحْزَنُونَ) في الآخرة. (٦)
__________________
(١) الكشّاف ١ / ١٧٧ ـ ١٧٨.
(٢) مجمع البيان ١ / ٣٥٥.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٨٢.
(٤) الزمر (٣٩) / ٢٩.
(٥) التبيان ١ / ٤١٢.
(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٨٢.