المتعلقة بذلك شرحا يكشف معناها وحقيقتها ، فاستنهضت جواد الفكر كرّا أو فرّا ، وغصت في ميادين تفسير الآيات مؤملا ظفرا ونصرا ، وشجعني على ذلك صدق النية فيما هممت وخلوص الطوية فيما عزمت ، فجمعت من كتب التفسير والطب ما تفرق ، ومن شتات المسائل ما تمزق ، وسلكت في هذا المختصر جزالة الألفاظ مع تمام المعاني ؛ لتسهيل ما أودعت فيه حسب طاقتي ما كان جيد الإفادة ، واضح المباني ، ومع ذلك أقول بلا انكسار وخشوع وتواضع وتذلل وخضوع : إن أفهامي جادة ، وقرائحي هامدة خامدة ، وأذهاني كليلة ؛ وبضاعتي مزجاة قليلة ، وأخشى أني مع جهلي لم أوفه حقه في التهذيب ، ولم أعطه استحقاقه في حسن الترتيب ؛ إذ الكلام لا بد أن يتعانق لفظه ومعناه ظهرا وبطنا ، وتتوافق عباراته بعضها مع بعض سبكا ومبنى ، وبدون هذا يختل نظمه ؛ ويعتل إدراكه وفهمه ؛ وتحنط منزلته ورتبته ؛ وتسقط من الفصاحة والبلاغة درجته ؛ فلذا يلزم لتهذيبه بحر ذهن صافي ومعدن علم بكفالة نظم جواهر عقوده واف ، ومن لي بذلك ، وأنى يتيسر سلوك تلك المسالك ، لكن لما كان الشروع في ذلك طبق أمر القلب لازما ، وإتمام تحصيل ما طلب مني محتما ، تلقيت ذلك الأمر كرها بالقبول ، وسعيت في تحصيل ذلك المأمول ، وأولجت نفسي في وعوره أقع وأقوم ، وفي أعماق بحوره أغطس وأعوم ، حتى أنقذتني الهمة الربانية العلية والنجدة الإلهية السنية ، وألهمتني المقصود والمطلب ، واهتديت على جل المأمول والمرغوب في قول عالم السر والنجوى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) (٥) [الأعلى : الآيات ١ ـ ٥] فحينئذ بذلت في ذلك جميع القوى والحيل ، ولازمت الاشتغال فيه طرفي النهار وزلفا من الليل وساعدتني على ذلك القدرة الرحمانية ، وشملتني تلك العناية الربانية ، واطمأنت لذلك طويتي ، وعلمت أن ذلك من صدق نيتي ، وتيمنت بعناية من شملني إحسانه ، وعمني إنعامه وامتنانه ؛ إذ هو الوسيلة إلينا في كل خير ورد من الله تعالى علينا ، صلّى الله عليه وعلى آله الكرام وأصحابه أولي الفضل والاحترام آمين.
«وسميت هذا الكتاب ب «كشف الأسرار النورانية القرآنية فيما يتعلق بالأجرام السماوية والأرضية والحيوانات والنباتات والجواهر المعدنية» ، وأرجو أن يتهلل عليه بدر النجاح ، ويغرد عليه طير القبول الفلاح على أني لا أقول : إني صغته في قالب الكمال ، أو نسجته على أحسن منوال ؛ لعلمي بأن ميدان الأفكار لا تسلم فيه الجياد من العثار ؛ فالأمل ممن اطلع عليه ؛ أو رمق من طرفه إليه سلوك سبيل الإنصاف وترك التحامل والاعتساف ، وأن لا يبادر بالانتقاد إلا بعد التماس انسداد ، مع أن الجواد قد يكبو ، والصارم قد ينبو ، والإنسان محل النسيان ، فلا أبرئ نفسي من الزلل ، ولا أنزهها عن الخطأ والخلل ، وإنما أقول : ما كان من