وموارد أُخرى. وعليه فالحديث يدلّ على خلافة وإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
كما ويُؤيّد أنّ الحديث يدلّ على إمامة عليّ عليهالسلام تمنّيات بعض أكابر الصحابة ، أن لو كانت له هذه الفضيلة ، كقول عمر : «في عليّ ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس» (١) ويذكر فضيلة المنزلة.
أو قول سعد بن أبي وقّاص لمعاوية بن سفيان : «لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم» (٢).
وبالنسبة إلى سؤالكم الثاني فنقول : إنّ المقصود من كون هارون خليفة لموسى عليهالسلام هو ما جاء في قوله تعالى : وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِح (٣).
فهذا مقام لهارون بأمرٍ من الله تعالى ، وقد نزّل نبيّنا عليّاً بهذه المنزلة من نفسه ، ومن المقطوع به أنّ هذا المعنى لم يرد في حقّ غير عليّ عليهالسلام من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولذا ورد عن غير واحد منهم ـ كما مرّ ـ أنّه كان يتمنّى لو ورد هذا الحديث في حقّه عن النبيّ ، وثبتت له هذه المنزلة منه.
وأمّا الاستخلاف بمعنى القيام مقام النبيّ بعد الموت ، فهذا ممّا لم يثبت لهارون ؛ لموته قبل موسى وقد ثبت لعليّ لوجوده بعد الرسول الأعظم بحديث المنزلة ، وغيره من الأحاديث القطعية المتّفق عليها بين المسلمين.
وبعبارة أوضح : إنّ رتبة الوصاية كانت موجودة عند هارون ، ولكن لم يصل إليها
__________________
١ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٨ و ١٦٧ ، المناقب : ٥٥ ، جواهر المطالب ١ / ٢٩٦.
٢ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٠ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٠١ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٦ ، مسند سعد ابن أبي وقّاص : ٥١ ، كتاب السنّة : ٥٩٦ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٠٨ و ١٢٣ و ١٤٤.
٣ ـ الأعراف : ١٤٢.