المعرفة بالكون كلما أدرك الإنسان من أسرار هذا الكون ما لم يكن معروفا من قبل.
والزمان الذى نحيا فيه والذى يعرف باسم «زمن العلوم والتقنية» قد توفر فيه للإنسان من المعرفة بالكون ومكوناته ما لم يتحقق لجيل من البشر من قبل ، لذلك فإن النظر الآن فى هذه الآيات الكونية الواردة فى كتاب الله على ضوء الحقائق العلمية المتوفرة لنا اليوم يعتبر من أوضح البراهين على الإعجاز العلمى للقرآن الكريم ، وقد جاءت الآيات الكونية فى القرآن الكريم كلها فى مقام الشهادة لله ـ تعالى ـ بطلاقة القدرة وببديع الصنعة ، وبأن هذا الخالق العظيم الذى أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته ، جدير بالخضوع له بالعبادة وحده ، بغير شبيه ولا شريك ولا منازع ، كما تأتى فى مقام الشهادة بأن الله ـ تعالى ـ الذى أبدع هذا الكون بكل ما فيه ومن فيه قادر على إفناء الكون وإعادة خلقه من جديد ، وعلى الرغم من ذلك فإن الآيات الكونية فى كتاب الله تبقى بيانا من الله الخالق الذى أبدع هذا الكون ، ولا بد وأن تكون آياته التى أنزلها متوافقة مع خلقه الذى أبدع ، ومن ثم فلا بد وأن تكون حقا مطلقا ونحن نرى هذا الحق فى زماننا فى ظل الكم الهائل للمعرفة بالكون ومكوناته التى بدأت تتضح أمام رؤى العلماء فى زمن العلم والتقنية الذى نعيشه ـ وبصورة لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد.
أما عن الفرق بين التفسير العلمى للقرآن الكريم ، والإعجاز العلمى فى هذا الكتاب الكريم فأقول :
إن التفسير العلمى : يقصد به توظيف كل المعارف المتاحة لحسن فهم دلالة الآية القرآنية ، وهذه المعارف قد تكون حقائق وقوانين ، كما قد تكون فروضا ونظريات ، ونحن ندعو إلى توظيف الحقائق والقوانين كلما توفرت فإن لم تتوفر فلا أرى حرجا من توظيف النظريات لأن التفسير يبقى محاولة بشرية لحسن الفهم إن أصاب فيها المفسر فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ، ولا ينسحب خطؤه على جلال القرآن الكريم.