قد كذب عبدي فافرشوا له من النار وألبسوه من النار وافتحوا له بابا في النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره ، حتى تختلف فيه أضلاعه في رواية ثم يقيض له أعمى أبكم أصم معه مرزبة من حديد ، لو ضرب بها جبلا لصار ترابا فيضربه بها ضربة ، يسمعها من بين المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير ترابا ثم تعاد فيه الروح» أخرجه أبو داود. عن عثمان بن عفان قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل» أخرجه أبو داود. عن عبد الرحمن بن ثمامة المهري قال : حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت فبكى بكاء طويلا ، وحول وجهه إلى الجدر وجعل ابنه يقول : ما يبكيك يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلىاللهعليهوسلم بكذا وكذا فأقبل بوجهه وقال : إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وذكر الحديث بطوله وفيه فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ، ولا نار فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي». أخرجه مسلم بزيادة طويلة فيه قيل المراد من التثبيت بالقول الثابت هو أن الله تعالى إنما يثبتهم في القبر بسبب كثرة مواظبتهم على شهادة الحق في الحياة الدنيا وحبهم لها ، فمن كانت مواظبته على شهادة الإخلاص أكثر كان رسوخها في قلبه أعظم فينبغي للعبد المسلم أن يكثر من قول لا إله إلا لله محمد رسول الله في جميع حالاته ، من قيامه وقعوده ونومه ويقظته وجميع حركاته وسكناته ، فلعل الله عزوجل أن يرزقه ببركة مواظبته على شهادة الإخلاص التثبيت في القبر ، ويسهل عليه جواب الملكين بما فيه خلاصه من عذاب الآخرة ، نسأل الله التثبيت في القبر ، وحسن الجواب وتسهيله بفضله ومنه وكرمه وإحسانه ، إنه على كل شيء قدير وقوله تعالى : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) يعني أن الله تعالى لا يهدي المشركين إلى الجواب الصواب في القبر (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) يعني من التوفيق ، والخذلان والهداية والإضلال والتثبيت ، وتركة لا اعتراض عليه في جميع أفعاله لا يسئل عما يفعل وهم يسألون. قوله عزوجل :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠) قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١))
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) (خ) عن ابن عباس في قوله : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا؟ قال : هم كفار مكة وفي رواية هم والله كفار قريش. قال عمر : هم قريش ونعمة الله هو محمد صلىاللهعليهوسلم (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) قال البوار : يوم بدر وعن علي رضي الله عنه قال هم كفار قريش فجروا يوم بدر ، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : الأفجران من قريش بنو المغيرة وبنو أمية أما بنو المغيرة فقد كفيتموهم يوم بدر ، وأما بنو أمية فقد متعوا إلى حين فقوله بدلوا نعمة الله كفرا معناه أن الله تعالى لما أنعم على قريش بمحمد صلىاللهعليهوسلم فأرسله إليهم وأنزل عليه كتابه ليخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان اختاروا الكفر على الإيمان ، وغيروا نعمة الله عليهم. وقيل : يجوز أن يكون بدلوا شكر نعمة الله عليهم كفرا لأنهم لما وجب عليهم الشكر بسبب هذه النعمة أتوا بالكفر فكأنهم غيروا الشكر ، وبدلوه بالكفر وأحلوا قومهم ، يعني ومن تبعهم على دينهم وكفرهم دار البوار يعني دار الهلاك ثم فسرها بقوله (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) يعني المستقر (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) يعني أمثالا وأشباها من الأصنام ، وليس لله تعالى ند ولا شبيه ، ولا مثيل تعالى الله عن الند والتشبيه والمثيل علوا كبيرا (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) يعني ليضلوا الناس عن طريق الهدى ودين الحق (قُلْ تَمَتَّعُوا) أي قل : يا محمد لهؤلاء الكفار تمتعوا في الدنيا أياما قلائل (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) يعني في الآخرة. قوله تعالى (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ