فقد جعل الله له توبة ثم قرأ «والذين يرمون المحصنات» إلى قوله تابوا فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأولئك توبة وقيل بل لهم توبة أيضا للآية (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ) هذا قبل أن يختم على أفواههم (وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) يروي أنه يختم على الأفواه فتتكلم الأيدي والأرجل بما عملت في الدنيا وهو قوله (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَ) يعني جزاءهم الواجب وقيل حسابهم العدل (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) يعني الموجود الظاهر الذي بقدرته وجود كل شيء وقيل معناه يبين لهم حقيقة ما كان يعدهم في الدنيا وقال ابن عباس وذلك أن عبد الله بن أبي ابن سلول كان يشك في الدين فيعلم يوم القيامة أن الله هو الحق المبين. قوله عزوجل (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ) قال أكثر المفسرين معنى الخبيثات الكلمات والقول للخبيثين من الناس ومثله (وَالْخَبِيثُونَ) أي من الناس (لِلْخَبِيثاتِ) من القول (وَالطَّيِّباتُ) أي من القول ومعنى الآية أن الخبيث من القول لا يليق إلا بالخبيث من الناس. والطيب من القول لا يليق إلا بالطيب من الناس وعائشة لا يليق بها. الخبيث من القول لأنها طيبة فيضاف إليها طيب القول من الثناء والمدح وما يليق بها وقيل معناه لا يتكلم بالخبيث إلا الخبيث من الرجال والنساء وهذا ذم للذين قذفوا عائشة ولا يتكلم بالطيب من القول إلا الطيب من الرجال والنساء. وهذا مدح للذين يرونها بالطاهر والمدح لها وقيل معنى الآية الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء أمثال عبد الله بن أبي المنافق والشاكين في الدين والطيبات من النساء (لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ) يريد عائشة طيبها الله لرسوله صلىاللهعليهوسلم (أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ) يعني عائشة وصفوان ذكرهما الله بلفظ الجمع منزهون (مِمَّا يَقُولُونَ) يعني أصحاب الإفك (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أي عفو لذنوبهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) يعني الجنة روي أنّ عائشة كانت تفتخر بأشياء أعطيتها لم تعطها امرأة غيرها منها أن جبريل عليهالسلام أتى بصورتها في سفرة حرير وقال هذه : زوجتك.
وروي أنه أتى بصورتها في راحته. ومنها أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم لم يتزوج بكرا غيرها وقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حجرها وفي يومها ودفن في بيتها وكان ينزل عليه الوحي وهي معه في اللحاف ونزلت براءتها من السماء وأنها ابنة الصديق وخليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخلقت طيبة ووعدت مغفرة ورزقا كريما. وكان مسروق إذا حدث عن عائشة يقول حدثتني الصديقة بنت الصدّيق حبيبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم المبرأة من السماء. قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (٢٩) قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (٣٠))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) أي تستأذنوا وكان ابن عباس يقرأ حتى تستأذنوا ويقول تستأنسوا خطأ من الكاتب وفي هذه الرواية نظر لأن القرآن ثبت بالتواتر والاستئناس في اللغة الاستئذان. وقيل الاستئناس طلب الإنس وهو أن ينظر هل في البيت إنسان فيؤذنه إني داخل وقيل هو من آنست أي أبصرت وقيل هو أن يتكلم بتسبيحة أو يتنحنح حتى يعرف أهل البيت (وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) بيان حكم الآية أنه لا يدخل بيت الغير إلا بعد الاستئذان والسلام. واختلفوا في أيهما يقدم فقيل يقدم الاستئذان فيقول أدخل سلام عليكم كما في الآية من تقديم الاستئذان قبل السلام. وقال الأكثرون يقدم السلام فيقول سلام عليكم أأدخل