النسائي وذهب قوم إلى أن الدية المغلظة أرباع خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس عشرون حقة وخمس وعشرون جذعة وهذا قول الزهري وربيعة وإليه ذهب مالك وأحمد وأصحاب الرأي. وأما دية الخطأ فمخففة وهي أخماس بالاتفاق غير أنهم اختلفوا في تقسيمها فذهب قوم إلى أنها عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة وهذا قول عمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار والزهري وربيعة وبه قال مالك والشافعي وأبدل قوم أبناء اللبون ببنات المخاض يرون ذلك عن ابن مسعود وبه قال أحمد وأصحاب الرأي والدية في قتل الخطأ وشبه العمد على العاقلة وهم العصيات من الذكور ولا يجب على الجاني منها شيء لأن النبي صلىاللهعليهوسلم أوجبها على العاقلة ودية الأعضاء والأطراف حكمها مبين في كتب الفقه ودية أعضاء المرأة على النصف من دية أعضاء الرجل والله أعلم.
المسألة الثالثة : في حكم الكفارة : الكفارة إعتاق رقبة مؤمنة وتجب في مال القاتل سواء كان المقتول مسلما أو معاهدا رجلا كان أو امرأة حرا كان أو عبدا فمن لم يجد الرقبة فعليه صيام شهرين متتابعين فالقاتل إن كان واجدا للرقبة أو قادرا على تحصيلها بوجود الثمن فاضلا عن نفقته ونفقة عياله وحاجته من مسكن ونحوه فعليه الإعتاق. ولا يجوز له أن ينتقل إلى الصوم فمن عجز عن الرقبة أو عن تحصيل ثمنها فعليه صوم شهرين متتابعين فإن أفطر يوما متعمدا في خلال الشهرين أو نسي النية أو نوى صوما آخر وجب عليه استئناف الشهرين وإن أفطر يوما بعذر مرض أو سفر هل ينقطع التابع؟ اختلف العلماء فيه فمنهم من قال ينقطع التتابع وعليه استئناف الشهرين وهو قول النخعي وأظهر قولي الشافعي لأنه أفطر مختارا. ومنهم من قال لا ينقطع التتابع وعليه أن يبني وهو قول سعيد بن المسيب والحسن والشعبي ولو حاضت المرأة في خلال الشهرين فطرت أيام الحيض ولا ينقطع التتابع فإذا طهرت بنت لأنه أمر كتبه الله على النساء ولا يمكن الاحتراز عنه فإن عجز عن الصوم فهل ينتقل عنه إلى الإطعام فيطعم ستين مسكينا ففيه قولان : أحدهما أنه ينتقل إلى الإطعام كما في كفارة الظهار. والثاني لا ينتقل لأن الله تعالى لم يذكر له بدلا فقال فصيام شهرين متتابعين توبة من الله فنص على الصوم وجعل ذلك عقوبة لقتل الخطأ والله أعلم. قوله عزوجل :
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣))
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) نزلت في مقيس بن صبابة الكناني وكان قد أسلم هو وأخوه هشام فوجد أخاه هشاما قتيلا في بني النجار فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكر له ذلك فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا من بني فهر إلى بني النجار أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمركم إن علمتم قاتل هشام بن صبابة أن تدفعوه إلى أخيه مقيس فيقتص منه وأنت لم تعلموه ادفعوا إليه ديته فبلغهم الفهري ذلك فقالوا سمعا وطاعة لله ولرسوله ما نعلم له قاتلا ولكن نؤدي إليه ديته فأعطوه مائة من الإبل فانصرفا راجعين نحو المدينة فأتى الشيطان مقيسا فوسوس إليه فقال له : تقبل دية أخيك لتكون عليك سبة أقتل الفهري الذي معك فتكون نفس مكان نفس وفضل الدية فتغفل الفهري فرماه بصخرة فقتله ثم ركب بعيرا من الإبل وساق بقيتها راجعا إلى مكة كافرا وقال في ذلك :
قتلت به فهرا وحملت عقله |
|
سراة بني النجار أرباب قارع |
وأدركت ثأري واضطجعت موسدا |
|
وكنت إلى الأصنام أول راجع |
فنزلت فيه ومن يقتل مؤمنا متعمدا يعني قاصدا لقتله فجزاؤه جهنم (خالِداً فِيها) يعني بكفره وارتداده وهو الذي استثناه النبي صلىاللهعليهوسلم يوم فتح مكة عمن أمنه من أهلها فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ) يعني