الإسلام ، وقرأ حمزة (١) والكسائيّ : «فارقوا» ، ومعناه : تركوا.
وقوله تعالى : (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) : أي : لا تشفع لهم ، ولا لهم بك تعلّق ، وهذا على الإطلاق في الكفّار ، وعلى جهة المبالغة في العصاة.
وقوله سبحانه : (إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ...) الآية : وعيد محض ، وقال السدي : هذه آية لم يؤمر فيها بقتال ، فهي منسوخة بالقتال (٢).
قال ع (٣) : الآية خبر لا يدخله نسخ ، ولكنها تضمّنت بالمعنى أمرا بموادعة ، فيشبه أن يقال : إن النسخ وقع في ذلك المعنى الذي قد تقرّر نسخه في آيات أخرى.
وقوله سبحانه : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ...) الآية : قال ابن مسعود وغيره : (بِالْحَسَنَةِ) هنا : «لا إله إلا الله» ، و (بِالسَّيِّئَةِ) : الكفر (٤).
قال ع (٥) : وهذه هي الغاية من الطرفين ، وقالت فرقة : ذلك لفظ عامّ في جميع الحسنات والسيئات ، وهذا هو الظاهر ، وتقدير الآية : من جاء بالحسنة ، فله ثواب عشر أمثالها ، وقرأ (٦) يعقوب وغيره : «فله عشر» ـ بالتنوين ـ «أمثالها» ـ بالرفع ـ.
وقوله تعالى : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ ...) الآية : في غاية الوضوح والبيان ، و (قِيَماً) : نعت للدّين ، ومعناه : مستقيما ، و (مِلَّةَ) : بدل من الدّين.
__________________
(١) وحجة الباقين قوله بعد : (وَكانُوا شِيَعاً) أي : صاروا أحزابا وفرقا.
ينظر : «السبعة» (٢٧٤) ، و «الحجة» (٣ / ٤٣٧ ، ٤٣٨) ، و «إعراب القراءات» (١ / ٧٣) ، و «معاني القراءات» (١ / ٣٩٦) ، و «حجة القراءات» (٢٧٨) ، و «العنوان» (٩٣) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٢٨٨) ، و «شرح شعلة» (٣٨٥) ، و «إتحاف» (٢ / ٣٩)
(٢) أخرجه الطبري (٥ / ٤١٤) برقم (١٤٢٧٢) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٦٨)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٣٦٨)
(٤) أخرجه الطبري (٥ / ٤١٦) برقم (١٤٢٧٨) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٦٨) ، وابن كثير (٢ / ١٩٧) ، والسيوطي (٣ / ١١٨) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي نعيم في «الحلية» عن ابن مسعود.
(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٣٦٨)
(٦) ينظر : «إتحاف فضلاء البشر» (٢ / ٣٩) ، و «المحرر الوجيز» (٢ / ٣٦٨) ، وزاد نسبتها إلى الحسن ، وسعيد بن جبير ، وعيسى بن عمر ، والأعمش.
وينظر : «البحر المحيط» (٤ / ٢٦١) ، و «الدر المصون» (٣ / ٢٢٧) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٢٨٨)