تستعمل في المراتب والمنازل المعنويّة.
وقوله سبحانه : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ...) الآية : (وَوَهَبْنا) : عطف على «آتينا» وإسحاق ابنه من سارّة ، ويعقوب هو ابن إسحاق ، وقوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ) : المعنى : وهدينا من ذرّيته ، والضمير في (ذُرِّيَّتِهِ) ، قال الزّجّاج (١) : جائز أن يعود على إبراهيم ، ويعترض هذا بذكر لوط ـ عليهالسلام ـ ؛ إذ ليس هو من ذرّيّة إبراهيم ، بل هو ابن أخيه ، وقيل : ابن أخته ، ويتخرّج ذلك عند من يرى الخال أبا ، وقيل : يعود الضمير على نوح ، وهذا هو الجيّد ، ونصب / (داوُدَ) : يحتمل أن يكون ب (وَهَبْنا) ، ويحتمل أن يكون ب (هَدَيْنا) ، (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) : وعد من الله عزوجل لمن أحسن في عبادته ، وترغيب في الإحسان ، وفي هذه الآية أنّ عيسى ـ عليهالسلام ـ من ذرّيّة نوح أو إبراهيم ؛ بحسب الاختلاف في عود الضمير من (ذُرِّيَّتِهِ) ، وهو ابن ابنة ؛ وبهذا يستدلّ في الأحباس على أنّ ولد البنت من الذّرّيّة ، ويونس هو ابن متّى ، (وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) : معناه : عالمي زمانهم.
(وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٨٧) ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨) أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (٨٩) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ)(٩٠)
وقوله سبحانه : (وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) : المعنى : وهدينا من آبائهم وذرياتهم وإخوانهم جماعات ، ف «من» للتبعيض ، والمراد : من آمن منهم ، نبيّا كان أو غير نبيّ ، و (اجْتَبَيْناهُمْ) ، أي : تخيّرناهم وهديناهم ، أي : أرشدناهم إلى الإيمان ، والفوز برضا الله عزوجل ، والذرية : الأبناء ، ويطلق على جميع البشر ذرّيّة ؛ لأنهم أبناء.
وقوله تعالى : (ذلِكَ هُدَى اللهِ ...) الآية : (ذلِكَ) : إشارة إلى النعمة في قوله : (وَاجْتَبَيْناهُمْ) و (أُولئِكَ) : إشارة إلى من تقدّم ذكره ، والكتاب يراد به الصّحف والتوراة والإنجيل والزّبور.
وقوله سبحانه : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ) : إشارة إلى كفّار قريش ، وإلى كلّ كافر في ذلك العصر ؛ قاله ابن عباس وغيره (٢) ، وقوله : (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) :
__________________
(١) ينظر : «معاني القرآن» للزجاج (٢ / ٢٦٩)
(٢) أخرجه الطبري (٥ / ٢٦٠) رقم (١٣٥٣٠) ، وذكره البغوي (٢ / ١٤) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣١٨) ، ـ