الحافظ بإسناده من حديث مالك بن أنس ، عن يحيى بن سعيد ، عن ابن المسيّب ، عن عمر بن الخطّاب ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم بمثله (١) ، وروى ابن ماجة بسنده ، عن ابن عمر ؛ أنّه قال : كنت جالسا مع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فجاء رجل من الأنصار ، فسلّم على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا رسول الله ، أيّ المؤمنين أفضل؟ قال : أحسنهم خلقا ، قال : فأيّ المؤمنين أكيس؟ قال : أكثرهم للموت ذكرا ، وأحسنهم لما بعده استعدادا أولئك الأكياس» ، وأخرجه مالك أيضا (٢). انتهى من «التذكرة» (٣).
وقوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ ...) الآية : الضمير في (تُصِبْهُمْ) عائد على (الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) ؛ وهذا يدلّ على أنّهم المنافقون ؛ لأن المؤمنين لا تليق بهم هذه المقالة ؛ ولأنّ اليهود لم يكونوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم تحت أمر ، فتصيبهم بسببه أسواء ، والمعنى : إن تصب هؤلاء المنافقين حسنة من غنيمة أو غير ذلك ، رأوا أنّ ذلك بالاتفاق من صنع الله ، لا ببركة اتّباعك والإيمان بك ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) أي : هزيمة ، أو شدّة جوع ، أو غير ذلك ، قالوا : هذه بسببك.
وقوله : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) : إعلام من الله سبحانه ؛ أنّ الخير والشرّ ، والحسنة والسيّئة خلق له ، ومن عنده ، لا ربّ غيره ، ولا خالق ولا مخترع سواه ، والمعنى : قل ، يا محمّد ، لهؤلاء.
__________________
ـ وللحديث شاهد من حديث أنس بن مالك.
أخرجه البزار (٤ / ٢٤٠) رقم (٣٦٢٣) ، والطبراني في «الأوسط» ، وأبو نعيم (٩ / ٢٥٢) ، والخطيب في تاريخه (١٢ / ٧٢ ـ ٧٣) كلهم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠ / ٣١١) وقال : رواه البزار ، والطبراني باختصار عنه ، وإسنادهما حسن. ا ه.
وأخرجه القضاعي في «مسند الشهاب» (٦٧١) من حديث ابن عمر.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٦ / ٣٥٥) من طريق جعفر بن محمد بن الحسين الزهري ، ثنا عبد الملك بن يزيد ثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن عمر مرفوعا ، وقال أبو نعيم : غريب من حديث مالك تفرد به جعفر عن عبد الملك. ا ه.
(١) ينظر : الحديث السابق.
(٢) أخرجه ابن ماجة (٢ / ١٤٢٣) ، كتاب «الزهد» ، باب ذكر الموت والاستعداد له ، حديث (٤٢٥٩) من طريق فروة بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر به ، قال البوصيري في «الزوائد» (٣ / ٣١٠) : هذا إسناد ضعيف ، فروة بن قيس مجهول ، وكذا الراوي عنه وخبره باطل ، قاله الذهبي في «طبقات التهذيب».
(٣) ينظر : «التذكرة» للقرطبي (١ / ٢٠)