وقيل : في المحجورين من أموالهم ، و (مَعْرُوفاً) : قيل : معناه : ادعوا لهم ، وقيل : معناه : عدوهم وعدا حسنا ، أي : إن رشدتّم ، دفعنا لكم أموالكم ، ومعنى اللفظة : كلّ كلام تعرفه النفوس ، وتأنس إليه ، ويقتضيه الشّرع.
(وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٦) لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) (٧)
وقوله : (وَابْتَلُوا الْيَتامى ...) الآية : الابتلاء : الاختبار ، و (بَلَغُوا النِّكاحَ) : معناه :
بلغوا مبلغ الرجال بحلم أو حيض ، / أو غير ذلك ، ومعناه : جرّبوا عقولهم ، وقرائحهم ، وتصرّفهم ، و (آنَسْتُمْ) : معناه : علمتم ، وشعرتم ، وخبرتم ، ومالك (رحمهالله) يرى الشّرطين البلوغ (١)
__________________
(١) البلوغ طور من أطوار الحياة ، به يستعد الشخص لأداء وظيفته النوعية وهي التناسل ، وقريب من هذا قول المارزي : هي قوة تحدث للشخص تنقله من حال الطفولة إلى غيرها. وللبلوغ علامات يعرف بها ، بعضها خاص بالإناث ، والبعض الآخر يشترك فيه الإناث والذكور ، فالقسم الأول : الحمل ، والحيض.
والقسم الثاني : ثلاثة أنواع :
الأول : خروج المني منهما في اليقظة أو النوم ، ويدل لذلك قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «رفع القلم عن ثلاث عن النّائم حتّى يستيقظ ، وعن المجنون حتّى يفيق ، وعن الصّبيّ حتّى يحتلم» وقول النبيّ صلىاللهعليهوسلم لمعاذ : «خذ من كلّ حالم دينارا» ، وقول الله تعالى : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) [النور : ٥٩] الآية.
الثاني : نبات شعر العانة على فرج الذكر والأنثى. وخالف في ذلك أبو حنيفة (رضي الله عنه) فلم يره علامة للبلوغ مستندا إلى أن شعر العانة شعر نبت على الجسم كغيره من الشعور ، فلا يصلح علامة على البلوغ كغيره.
أمّا الجمهور ، فإنه استند إلى ما ورد من أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم لما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة ، وحكم سعد بأن تقتل مقاتلهم وتسبى ذراريهم ، أمر عليه الصلاة والسلام بأن يكشف عن مؤتزرهم ، فمن أنبت فهو من المقاتلة ، ومن لم ينبت فهو من الذراري ، وفي ذلك يقول عطية القرظي : عرضت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم قريظة ، فشكوا فيّ ، فأمر النبيّ (عليهالسلام) أن ينظر هل أنبت بعد ، فنظروا إليّ فلم يجدوني أنبت بعد ، فألحقوني بالذرية.
فأنت ترى أن الرسول (عليه الصلاة والسلام) جعل الإنبات فارقا بين المقاتلة والذرية ، فكان علامة على البلوغ ؛ إذ لا يقتل إلّا من بلغ. وكذلك ثبت أن عمر (رضي الله عنه) كتب إلى بعض عمّاله ألّا تأخذ الجزية إلا ممن جرت عليه المواسي. ويعني بذلك من نبتت عانته ؛ فدل ذلك على أن نبات شعر العانة علامة على البلوغ ؛ لأن الجزية لا تؤخذ إلّا ممن بلغ. وأيضا فقد ورد أن غلاما من الأنصار شبب بامرأة ـ