تأكيد لنفوس المأمورين ، و (تَسائَلُونَ) : معناه : تتعاطفون به ، فيقول أحدكم : أسألك بالله ، وقوله : (وَالْأَرْحامَ) ، أي : واتقوا الأرحام ، وقرأ حمزة «والأرحام» (بالخفض) ؛ عطفا على الضمير ؛ كقولهم : أسألك بالله وبالرّحم ؛ قاله مجاهد وغيره.
قال ع (١) : وهذه القراءة عند نحاة البصرة لا تجوز ؛ لأنه لا يجوز عندهم أن يعطف ظاهر على مضمر مخفوض إلا في ضرورة الشّعر ؛ كقوله : [البسيط]
............. |
|
فاذهب فما بك والأيّام من عجب (٢) |
لأن الضمير المخفوض لا ينفصل ؛ فهو كحرف من الكلمة ، ولا يعطف على حرف ، واستسهل بعض النحاة هذه القراءة. انتهى كلام ع.
قال ص : والصحيح جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجارّ ؛ كمذهب الكوفيّين ، ولا تردّ القراءة المتواترة بمثل مذهب البصريّين (٣) ، قال : وقد أمعنّا
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٤)
(٢) عجز بيت ، وصدره :
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا |
|
................ |
وهو بلا نسبة في «الإنصاف» (ص ٤٦٤) ؛ و «خزانة الأدب» (٥ / ١٢٣ ـ ١٢٦ ؛ ١٢٨ ، ١٢٩ ، ١٣١) ؛ و «شرح الأشموني» (٢ / ٤٣٠) ؛ و «الدرر» (٢ / ٨١) ؛ (٦ / ١٥١) ؛ و «شرح أبيات سيبويه» (٢ / ٢٠٧) ؛ و «شرح ابن عقيل» (ص ٥٠٣) ؛ و «شرح عمدة الحافظ» (ص ٦٦٢) ؛ و «شرح المفصّل» (٣ / ٧٨ ، ٧٩) ؛ و «الكتاب» (٢ / ٣٩٢) ؛ و «اللمع في العربية» (ص ١٨٥) ؛ و «المقاصد النحوية» (٤ / ١٦٣) ؛ و «المقرب» (١ / ٢٣٤) ؛ و «همع الهوامع» (٢ / ١٣٩)
(٣) اختلف النحاة في العطف على الضمير المجرور على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب الجمهور من البصريين ـ : وجوب إعادة الجار إلا في ضرورة.
الثاني : أنه يجوز ذلك في السّعة مطلقا ، وهو مذهب الكوفيين ، وتبعهم أبو الحسن ويونس والشلوبيون.
والثالث : التفصيل ، وهو إن أكّد الضمير جاز العطف من غير إعادة الخافض نحو : «مررت بك نفسك وزيد» ، وإلا فلا يجوز إلا ضرورة ، وهو قول الجرميّ. والذي ينبغي أنه يجوز مطلقا لكثرة السماع الوارد به ، وضعف دليل المانعين واعتضاده بالقياس.
أما السّماع : ففي النثر كقولهم : «ما فيها غيره وفرسه» بجرّ «فرسه» عطفا على الهاء في «غيره». وقوله : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) في قراءة جماعة كثيرة ، منهم حمزة. وفي النظم وهو كثير جدا ، فمنه قول العباس بن مرداس : [الوافر]
أكرّ على الكتيبة لا أبالي |
|
أفيها كان حتفي أم سواها |
وأمّا القياس ؛ فلأنه تابع من التوابع الخمسة ، فكما يؤكّد الضمير المجرور ويبدل منه فكذلك يعطف عليه.
وينظر : «الدر المصون» (١ / ٥٢٩ ـ ٥٣١) ، و «البحر المحيط» (٢ / ١٥٥)