كاشفة للقلوب ،
زائلة للكروب ،
وأنا مجتهد لإستجماع ذلك ، تائق إلى ترتيبه ، ولكن تقطعني عن ذلك القواطع ،
وتشغلني الشواغلِ ، وتضعف نيتيوعلمي بأن همم أهل العصر تقاصرت عن بلوغ أدناهِا ،
فضلاً عن الترقي إلى أعلاها ، فلذا لو أرغب فيه أحياناً ، أعرض عنه أزماناَ ، حتى
مضت على ترددعزمي أيام وقرنت بها أعوام ، ثم اهتز خاطري ، وتذكرت طويتي ، على أنَللزواجر منازل رفيعة ،
وفي التذكرة منافع كثيرة ، لقوله عزَّ وجلّ : (
وَذَكِر فَإنَّ الذِّكرى تَنْفَعُ المؤمِنينَ
) ، وقال عزَّ شأنه : (
وَأن لَيسَ للإنسَانٍ الاّ مَاسَعى
) .
وقال علي عليهالسلام
: « المرشد بنيته ما جرى بالخير ، لا لما عمل بهغيره أو ذكر أنه منه ، بل بحسن
طويته وإخلاص دواعيه ».
فلما تيقنت حقيقة ذلك ، وأردت أنْ أسعى
فيه سعياً جميلاً ، وأسلك فيه وإن كان قليلاًَ ، لم التفت إلى قلة رغبات أهل
الزمان ، وترك عنايتهم في طلب الأديان ، واستخرت الله سبحانه في جميع ذلك ، فرتبت
هذا الكتاب على أحسنترتيب ، وأتقن تهذيب ، وسلكت فيه طريق الايجاز والاختصار ،
وتجنبت التطنيب والاكثار.
وابتدأت أولاً بذكر معرفة الله تعالى
والتوحيد والعدل ، وثانياً بذكر النبوة والإمامة ، وبعد ذلك أوردت أشياء كما يذكر
في فهرسته ، وستقف على ذلك إنشاء الله تعالى ، وسميته بـ ( معارج اليقين في أصول
الدين )
، ثم تضرعت إلى الله سبحانه وتعالى ليجعل ذلك خالصاً لرضاه ، ويجعلني ممن يتقيه ويخشاه
، إنّه خير مأمول ، وأكرم مسؤول ، وهوحسبي ونعم الوكيل.
__________________