كاشفة للقلوب ، زائلة (١) للكروب ، وأنا مجتهد لإستجماع ذلك ، تائق إلى ترتيبه ، ولكن تقطعني عن ذلك القواطع ، وتشغلني الشواغلِ ، وتضعف نيتيوعلمي بأن همم أهل العصر تقاصرت عن بلوغ أدناهِا ، فضلاً عن الترقي إلى أعلاها ، فلذا لو أرغب فيه أحياناً ، أعرض عنه أزماناَ ، حتى مضت على ترددعزمي أيام وقرنت بها أعوام ، ثم اهتز خاطري ، وتذكرت (٢) طويتي ، على أنَللزواجر منازل رفيعة ، وفي التذكرة منافع كثيرة ، لقوله عزَّ وجلّ : ( وَذَكِر فَإنَّ الذِّكرى تَنْفَعُ المؤمِنينَ ) (٣) ، وقال عزَّ شأنه : ( وَأن لَيسَ للإنسَانٍ الاّ مَاسَعى ) (٤).
وقال علي عليهالسلام : « المرشد بنيته ما جرى بالخير ، لا لما عمل بهغيره أو ذكر أنه منه ، بل بحسن طويته وإخلاص دواعيه ».
فلما تيقنت حقيقة ذلك ، وأردت أنْ أسعى فيه سعياً جميلاً ، وأسلك فيه وإن كان قليلاًَ ، لم التفت إلى قلة رغبات أهل الزمان ، وترك عنايتهم في طلب الأديان ، واستخرت الله سبحانه في جميع ذلك ، فرتبت هذا الكتاب على أحسنترتيب ، وأتقن تهذيب ، وسلكت فيه طريق الايجاز والاختصار ، وتجنبت التطنيب والاكثار.
وابتدأت أولاً بذكر معرفة الله تعالى والتوحيد والعدل ، وثانياً بذكر النبوة والإمامة ، وبعد ذلك أوردت أشياء كما يذكر في فهرسته ، وستقف على ذلك إنشاء الله تعالى ، وسميته بـ ( معارج اليقين في أصول الدين ) (٥) ، ثم تضرعت إلى الله سبحانه وتعالى ليجعل ذلك خالصاً لرضاه ، ويجعلني ممن يتقيه ويخشاه ، إنّه خير مأمول ، وأكرم مسؤول ، وهوحسبي ونعم الوكيل.
__________________
(١) كذا في جميع ما توفر لدينا من النسخ ، والصواب : مزيلة ..
(٢) في م و ن : تذكر ، وأثبتنا ما في نسخة : ع.
(٣) الذاريات ٥١ : ٥٥.
(٤) النجم ٥٣ : ٣٩.
(٥) وردت تسمية الكتاب في العديد من النسخ التي حصلت عليها بـ (جامع الأخبار) بدلاً من معارج اليقين. ارجع إلى مقدمة التحقيق.