والعبادات تخرجها
عن مألوفاتها وعوائدها ، وتنقلها إلى مشابهة العقول المجردة ، فتصير عالمة قابلة
لا تناقش صور العلوم والمعارف فيها ، وهذا يقوله طائفتان.
أحدهما : من يقرب
إلى النبوات والشرائع من الفلاسفة ، القائلين بقدم العالم ، وعدم الشقاق الأفلاك ،
وعدم الفاعل المختار.
الطائفة الثانية :
من تفلسفت : من صوفية الإسلام. وتقرب إلى الفلاسفة.
فإنهم يزعمون أن
العبادات رياضات لاستعداد النفوس وتجردها ، ومفارقتها العالم الحسي ، ونزول
الواردات والمعارف عليها.
ثم من هؤلاء من لا
يوجب العبادات إلا لهذا المعنى ، فإذا حصل لها بقي مخيرا في حفظ أوراده ، أو
الاشتغال بالوارد عنها ، ومنهم من يوجب القيام بالأوراد والوظائف. وعدم الإخلال
بها ، وهم صنفان أيضا.
أحدهما : من
يوجبونه حفظا للقانون ، وضبطا للناموس.
والآخرون : الذين
يوجبونه حفظا للوارد ، وخوفا من تدرج النفس بمفارقتها له إلى حالتها الأولى من
البهيمية.
فهذه نهاية أقدام
المتكلمين على طريق السلوك. وغاية مفارقتهم بحكم العبادة وما شرعت لأجله ، ولا
تكاد تجد في كتب القوم غير هذه الطرق الثلاثة ، على سبيل الجمع ، أو على سبيل
البدل.
فصل
وأما الصنف الرابع
وهم الطائفة : المحمدية الإبراهيمية : أتباع الخليلين ، العارفون بالله وحكمته في
أمره وشرعه وخلقه ، وأهل البصائر في عبادته ، ومراده بها.