(فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) (٨)؟ قال : ليس ذاك بالحساب ، ولكن ذلك العرض ، ومن نوقش الحساب يوم القيامة عذّب».
وهذا الذي يحاسب حسابا يسيرا بالعرض ، يرجع إلى أهله وعشيرته في الجنة مغتبطا ، فرحا مسرورا ، بما أعطاه الله عزوجل ، وما أوتي من الخير والكرامة.
الفريق الثاني ـ الكافرون الموصوفون بقوله : وأما من أعطي كتاب أو صحيفة أعماله بشماله ، أي من وراء ظهره ، حيث تثنى يديه من خلفه ، ويعطى كتابه بها ، وتكون يمينه مغلولة إلى عنقه ، فإذا قرأ كتابه ، نادى : يا ثبوراه ، أي بالهلاك والخسار ، ثم يدخل جهنم ، ويصلى حر نارها وشدتها.
يتبين من هذا أن الكافر يؤتى كتابه من ورائه ، لأن يديه مغلولتان ، وروي أن يده تدخل من صدره ، حتى تخرج من وراء ظهره ، فيأخذ كتابه بها.
ويقال : إن هاتين الآيتين نزلتا في أبي سلمة بن عبد الأسد ، وفي أخيه الأسود ، وكان أبو سلمة من أفضل المسلمين ، وأخوه من عتاة الكافرين. وقوله : (يَدْعُوا ثُبُوراً) معناه : يصيح منتحبا : وا ثبوراه وا حزناه ، ونحو هذا مما معناه : هذا وقتك وأوانك ، أي احضرني. والثبور : اسم جامع للمكاره ، كالويل.
ثم ذكر الله تعالى سببين لعذاب الكافر وهما :
ـ إنه كان في الدنيا فرحا بطرا ، لا يفكر في العواقب ، ولا يخاف مما أمامه ، وإنما يتبع هواه ، ويركب شهواته ، تكبرا ، لأنه لا يؤمن في الواقع بالآخرة ، كما بان في السبب الثاني.
ـ إن سبب ذلك السرور والبطر : ظنه بأنه لا يرجع إلى الله تعالى ، ولا يبعث للحساب والعقاب ، ولا يعاد بعد الموت.